التخطي إلى المحتوى الرئيسي

دعم المنتجات الفلسطينية من الشعار إلى الممارسة بقلم: صلاح هنية

كان الأسبوع الماضي أسبوعاً لدعم المنتجات الفلسطينية عالية الجودة وذات السعر المنافس بامتياز، مطلع الأسبوع الماضي أطلق الدكتور سلام فياض رئيس الوزراء دعوته (وهي قرار طبعاً) بمقاطعة المنتجات الإسرائيلية لتقليل الاعتماد على الاقتصاد الإسرائيلي، وتبعها تفاعل مع هذا التوجه على مدار الأسبوع الماضي تمثل بتداعي جمعية حماية المستهلك الفلسطيني لتدارس الأمر الذي خصصت فعالياتها ونشاطاتها بهذا الاتجاه منذ سنوات حثت خلالها على قرار حكومي واضح المعالم باتجاه دعم وتشجيع المنتجات الفلسطينية ومنحها الأفضلية في العطاءات الحكومية والمشتريات الحكومية، وترافق ذلك مع ورشة عمل عقدتها جمعية حماية المستهلك الفلسطيني بعنوان (دولة فلسطين: أين وصلت جودة منتجاتها والسلع في أسواقها؟)، وتوجت هذه النشاطات في مهرجان التسوق الشتوي 2012 الذي نظم في أرض المعارض في مدينة البيرة.
ترافقت كل هذه التطورات مع سلوك استهلاكي للمستهلك لا يعطي بالاً عن غير قصد للمنتجات الفلسطينية على قاعدة أن هذا الشيكل وتلك العشرة شواكل التي تخرج من جيبه لا تصنع فرقاً، وهذا قرار فردي لا علاقة لأحد به (ما حد شريك لي في التسوق)، وهنا مكمن الخلل ومكمن التراجع في الحملات الشعبية المتعاقبة.
وترافقت أيضاً مع تشكك مصطنع وغير مقنع ويبدو غالباً مبرراً غير مدروس بل هو مبرر دفاعي لمنطق ضعيف يتمثل بالتشكيك في جودة المنتجات الفلسطينية، ويبدأ التأليف والفبركة أن فلاناً عمل في مصنع ويعرف كيف يصنعون، وذاك له ابن عم عمل في مصنع آخر، ورغم تفنيد كل هذه المسائل عبر التوعية المجتمعية، وعبر فتح أبواب المصانع لمختلف أنواع الزيارات الطلابية والنسوية وللمهندسين والأطباء وغيرهم، إلا أن البعض ظل متمسكاً دون أدنى سند علمي أو معرفي أو موضوعي لمثل هذا النوع من (طق الحنك ونشر الشائعات).


وترافقت أيضاً مع البطء الشديد لغاية اليوم بإصدار وزارة الاقتصاد الوطني لنظام تفصيلي بعد مضي عشرة أشهر يعزز ويفسر قرار الحكومة بمنح الأفضلية للمنتجات الفلسطينية المطابقة للمواصفة وذات السعر المنافس في العطاءات الحكومية والمشتريات الحكومية، والتي تشكل المشتريات الحكومية ما يقارب 300 مليون دولار سنوياً، والعطاءات المركزية هناك عطاءات تتجاوز قيمتها الملايين العشرة والتي يكون بند التوريدات فيها يصل 60% من قيمتها وتصبح إسرائيلية نتيجة قناعة ذاك المهندس أو ذاك المسؤول الذي يصر على (عنزة ولو طارت).
كنت بكل تواضع أتبادل أطراف الحديث مع الدكتور سلام فياض رئيس الوزراء بوجود الدكتور خالد القواسمي وزير الحكم المحلي بخصوص دعوته التي باتت بحكم قرار حكومي بمقاطعة المنتجات الاسرائيلية فقلت: دكتور سلام فياض، آمل منك دعوة وزارة الحكم المحلي للتركيز على البلديات بخصوص توصيف المنتجات الفلسطينية فقط، والبديل عن غير المتوافر، المستورد من قبل مستورد فلسطيني معروف، لأن حجم المشاريع لدى البلديات كبير وهي تستطيع أن تكون نصيراً أصيلاً لحملة المقاطعة.
لا زالت بعض الهيئات الحكومية وبعض هيئات الحكم المحلي تطلب ضمن مواصفات العطاء أو الشراء أن يكون مطابقا لـ (التيكن) المواصفة الإسرائيلية وهذا أمر مستغرب ويطرح سؤالاً: أين ذهبت المواصفة الفلسطينية والمعايير الفنية الإلزامية؟.
ترافق هذا الحراك الأسبوع الماضي بخصوص دعم المنتجات الفلسطينية بجرأة يمتلكها القطاع الصناعي الفلسطيني ليعلن ويناشد ويتحرك لدى وزارة الاقتصاد الوطني ووزارة الصحة أن هناك مصانع وهي ورش صغيرة لا ترتقي لمستوى جودة الإنتاج وخصوصاً أن بعضها يأتي في نطاق إنتاج الصناعات الكيماوية التي يستخدمها المستهلك يومياً وبشكل مباشر وتترك عليه أضراراً صحية، وتتوالى المناشدات من قبل الصناعيين لضبط هذه الظاهرة واستعانوا بجمعية حماية المستهلك الفلسطيني لإيصال رسالتهم وصوتهم، فالصناعات الكيماوية تقع مسؤولية رقابتها على وزارة الصحة من حيث التركيز ومطابقتها للنسب المسموح استخدامها في المواصفة الفلسطينية مثل نسبة الملح وطبيعة المياه وليست مياه الحنفية، وهذه المنتجات تباع في السوبرماركت والصحة لا تمتلك الصلاحية للمراقبة عليها فقط تراقب عليها في الصيدليات، وهذا ينسحب على مواد التجميل والعطور التي تهرب إلى السوق الفلسطيني وهي دون المواصفة.
غالباً ما تواجه نشاطات وفعاليات إبراز وترويج المنتجات الفلسطينية بعقبات غير مبررة مثل امتناع بعض الأطراف عن المشاركة أو تقديم الحوافز اللازمة فهل يعقل أن يكون مجلس بلدي منتخب مكون من خمسة عشر عضواً لا يوجد فيه واحد يمتلك وقتاً ليشارك في افتتاح فعالية لدعم والترويج للمنتجات الفلسطينية يستقطب زواراً ووفوداً للمدينة التي يرعى شؤونها ذلك المجلس البلدي.
والأمر الغريب أن لا يتعمق الإعلام الاقتصادي في إبراز الهدف والغرض من تنظيم نشاطات الترويج والتعريف بالمنتجات الفلسطينية والتساوق مع دعوة رئيس الوزراء لمقاطعة المنتجات الاسرائيلية.
المنتج الفلسطيني على المحك:
تماماً كما هو القطاع الخاص الفلسطيني يسعى للربح فإن المستهلك يسعى للحصول على منتج عالي الجودة وبسعر مناسب وبكمية ومواد وكميات مطابقة لبطاقة البيان ولا تخالفها مطلقاً، هذه المعادلة ظلت وستظل قيد الأخذ والرد ولكنها بشكل رئيسي تتركز حول المنتج الفلسطيني ولا تطال المنتجات الإسرائيلية والمستوردة في السوق الفلسطيني، وهنا يقع الإجحاف الذي تجاوز كل التقارير الإعلامية والأبحاث الإسرائيلية التي تطال تأكيدات على عدم جودة وصلاحية بعض المنتجات الإسرائيلية.
الجميع اليوم يكرر (لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين)، في العام 1987 قاطع المواطنون المنتجات الإسرائيلية وبات الحضور الأقوى على الرفوف وفي سلة مشتريات الأسرة الفلسطينية من المنتجات الفلسطينية، الأمر الذي جعل المصانع والشركات إلى العمل على مدار ثلاث فترات عمل على مدار النهار والليل، وفجأة وبعد أن تمكن من السوق الفلسطيني باتت بعض المصانع ترفع السعر وتقلل الكمية وهذا ليس تعميماً أبداً، وعادت الأمور من حيث بدأت فتراجعت الثقة وباتت هذه التجربة يستحضرها كل من يريد أن يناقش في دعم المنتجات الفلسطينية.
عمليا ارتفاع كلفة الإنتاج لدى المنتجات الفلسطينية تجعلها غالباً عرضة لمنافسة غير متكافئة من قبل منتجات أقل جودة تدخل السوق الفلسطيني، وحتى المنتجات الإسرائيلية فإن كلفة الإنتاج اقل بكثير خصوصاً لسهولة إدخال المواد الخام وانخفاض كلفة النقل مقارنة بالمنتج الفلسطيني.
مع حالة النهوض الحكومي والشعبي باتجاه مقاطعة المنتجات الإسرائيلية بات مطلوباً من القطاع الصناعي الفلسطيني وشركات الخدمات القيام بحملات ترويجية واسعة وتعريف بالصناعة الفلسطينية، ولا يجوز الاعتماد على قاعدة أننا منتج فلسطيني يجب أن نسوق كواجب بغض النظر عن الترويج والدعاية والتعريف والمسؤولية الاجتماعية، ويجب أن ينتبهوا إلى رؤية بعض الطلبة والشباب انهم يفضلون المنتج الإسرائيلي على الفلسطيني.

فضائية فلسطين رحمة بنا:
لم نعد نتحدث عن فضائية فلسطين كما كنا نتحدث ونقيم قبل عشرة أعوام مضت ولكننا بتنا نقيم اليوم على أساس أن هناك تلفزيوناً فلسطينياً حاضراً وهذا أسهل.
اليوم بات يصيبنا الملل من التكرار الممل في نشرات الأخبار بصورة غير مبررة نتوسل إليكم أحسنوا تحرير وإخراج نشرات الأخبار واعلموا أن هناك مشاهداً يتابع هذه النشرات وليست مشفرة خاصة بطاقم فضائية فلسطين فقط، لا يعقل أن يتحول الضيف في النشرة الإخبارية إلى محاضر أو خطيب يعيد كلام قيل قبل التوجه إلى الأمم المتحدة وخلالها وبعدها، ألم يقع متغير واحد بالإمكان الحديث عنه وتغيير الكليشيه الجاهز، ألا يمل المذيع ذاته من تكرار ذات الخبر والتقرير ثلاث مرات يومياً ويلحقه بتكرار في ساعات الصباح الأولى من اليوم الذي يليه.
مستوى الأداء الفني ومحتوى الكلمات في الأغاني والأناشيد التي تبث في تلفزيون فلسطين يجب أن يكون مكان تدقيق وتقييم فني خالص، ولا اعتقد أن السيد الرئيس محمود عباس يكون سعيداً بأن تصبح كل الأغاني والأناشيد الوطنية تمتدحه وتردد اسمه بسبب أو بدون سبب، ولم يكن يوماً مناضل فلسطيني يطلب نشيداً أو غناء بل هو وخصوصاً السيد الرئيس محمود عباس يرغب بتلفزيون يمارس التعبئة الوطنية والتوعية والتوجيه لحب فلسطين.
لا بد أن يراعي المذيعون بعضهم وليس جميعهم خصوصاً البرامج الحوارية أن الضيف هو من يتحدث ليبدي وجهة نظره وليس المحاور المذيع يأخذ كل الوقت، وهذه مسألة لافتة لنظر المشاهدين الذين يصرخون وهم يشاهدون "طب خلي الزلمة يكمل فكرته"، أو أن العكس يقع فتدب الفوضى عندما تجتمع ثلاث نساء ليتحدثن عن العنف ضد المرأة أو القتل على خلفية الشرف أو عندما يتواجد معهن محام أو قاض شرعي فتدب الفوضى في الاستوديو ولا نعود قادرين على أن نسمع الفكرة.
salah@pcp.ps

تاريخ نشر المقال 22 كانون الأول 2012

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

"مهرجان التسوق": نابلس حققت قصب السبق ..... بقلـم: صلاح هنية

كان رتل الـمركبات شبه متواصل من حوارة إلى مدخل نابلس صباح السبت، ولـم تخف حركة السير على الشارع الرئيس من رام الله إلى نابلس... يوم السبت، باختصار هو أن أكبر سدر كنافة سيدخل موسوعة (غينيس) وسيتم إنجازه في نابلس على الدوار ضمن فعاليات مهرجان نابلس للتسوق. الـمبادرة بحد ذاتها تستحق الثناء؛ كونها جاءت في الـمكان الـمناسب؛ نابلس العاصمة الاقتصادية الـمحاصرة والـمعزولة منذ العام 0002، وهي أساس بالإمكان البناء عليه في الأعوام الـمقبلة. الاهم ان الـمشهد على مدخل نابلس الرئيس بداية شارع القدس بات مختلفاً، حيث ازدان، الاسبوع الـماضي، بلوحات اعلانية لـمنتجات غير فلسطينية إلى جانب اعلانات الترويج للـمهرجان، الدعوات توالت خصوصاً من "الراصد الاقتصادي" إلى محافظ نابلس بهذا الخصوص علـماً أن معظم الشركات الفلسطينية راعية للـمهرجان ولا تستحق الا الدعم والاسناد على فعلها الاقتصادي هذا، وهذه نقطة تسجل لنابلس، ومحافظها وفعالياتها. الاستجابة كانت سريعة فاستبدلت بإعلانات للـمنتجات الفلسطينية التي دعمت ودعت إلى مهرجان نابلس للتسوق، ومن الواضح ان موقف الـمحافظ هو الذي ادى لهذه النتيجة الطيبة، وترك آ

صلاح هنية: ‏إصرار على مكافحة الفساد الغذائي

رتفع كل فترة صرخات المستهلكين الفلسطينيين ضد الأغذية الفاسدة، والمنتجات المهربة من المستوطنات. ويؤكد رئيس جميعة حماية المستهلك الفلسطيني صلاح هنية على محاربة هذه الظواهر، لافتاً الى وجود الكثير من المعوقات وهذا نص المقابلة: *هل من غطاء قانوني للمستهلك الفلسطيني؟ يتمتع المستهلك الفلسطيني بحقوق حمائية، إذ يتم تطبيق قانون حماية مستهلك عصري يحمل ‏الرقم 21 لعام 2005، ويغطي بشمولية قضايا المستهلك المحورية. وتتمثل هذه القضايا بضرورة إشهار الأسعار، ومحاربة الغبن ‏التجاري والغش والتلاعب بالأسعار والأغذية والسلع. وينظم القانون آلية حماية المواطنين، من خلال تأسيس جمعية ‏حماية المستهلك، والمجلس الفلسطيني لحماية المستهلك، ويتيح للجمعيات رفع قضايا نيابة عن المستهلك دون أي ‏حاجة لتوكيل كونها جمعيات تمثيلية، ويركز على قضايا تنسيقية بين الجمعية والقطاع العام‎.‎ والجانب الثاني الإيجابي، ورغم حداثة عمر جمعية حماية المستهلك الفلسطيني، ورغم ضعف مواردها المالية إلا أنها ‏استطاعت تحقيق إنجازات، واستطاعت الضغط والتأثير على العديد من القرارات الحكومية بما يضمن حقوق المستهلكين. ‎*لكن، هل القانون والج