كتب صلاح هنية:
عقدت مساء السبت 21/11/2009، في المركز الثقافي الألماني برام الله ندوة بعنوان (دور الترجمة في حوار الثقافات) تحدث فيها الدكتور جونتر اورت في قاعة المركز الثقافي الالماني الفرنسي بحضور عدد من المهتمين في قضايا الترجمة والثقافة.
واعتمدت الندوة أسلوب الحوار المفتوح مع المحاضر من خلال محاور للندوة تم طرحها كأسئلة ومداخلات من قبل المعقبين على الندوة امثال معتصم الأشهب والدكتور محمد ابو زيد، إلى جانب أسئلة ومداخلات من الحضور التي تركزت على قضايا حوار الثقافات وقبول الآخر في عملية الترجمة.
وكانت محاور النقاش قد تركزت على واقع ترجمة الأدب العربي إلى اللغة الألمانية. ومدى اهتمام دور النشر بالأدب العربي مقارنة باهتمامهم بآداب أخرى والادب الفلسطيني بشكل خاص. ومفهوم الترجمات الضارة.
وأشار أورت إلى أن دور النشر الألمانية غير مهتمة بالأدب العربي عموما، رابطا ذلك بوجود مستكشفين في دور النشر الكبرى، مهمتهم رصد الانتاج الأدبي في انحاء مختلفة من العالم ودراسة تطور السوق فيها، ودور النشر لا توظف مستكشفين للأدب العربي بعكس الآداب الأخرى من منطلق أنها تعتقد بأن الكتب العربية لا تلقى رواجا في ألمانيا.
وحسب تحليل أورت، يعود عدم الاهتمام بالادب العربي لعدة اسباب أهمها أن الألمان خصوصا والاوروبيين عموما لا يهتمون بما لا يقع ضمن الثقافة الغربية المسيحية، رغم أن الألمان شعب قارئ بكافة شرائحه لكنهم يقرأون ما يعتبر سهلا لهم ومتوافقا مع ثقافتهم وعاداتهم وتقاليدهم.
وتطرق أيضا لسبب سياسي وهو أن "ألمانيا لديها قصة مؤلمة مع اليهود في موضوع المحرقة وهي تريد تعويضا أخلاقيا جراءها لإسرائيل، بالتالي يبرز الاهتمام من قبل دور النشر الألمانية بالأدب الإسرائيلي".
وفي أشارة منه لارتباط الأزمة الاقتصادية وتراجع دخل الفرد في أوروبا بالإقبال على الكتاب أكد أن ذلك لم يؤثر مطلقا على سوق الكتاب الذي ظل يفرض نفسه بقوة.
واستعرض أورت حالة الفوضى التي تسود ترجمات الأدب العربي، ووصف الامر بالمتعب، موضحا "أقوم بترجمة نموذج وابحث عن دار نشر ألمانية وهذا متعب ومضنٍ، ودائما أواجه بجواب أن الكاتب غير معروف في ألمانيا أو أن القصة القصيرة انتهى عهدها، فأتوجه لترجمة رواية فيصبح المبرر أن الرواية طويلة وموضوعها ليس ألمانياً او أوروبيا، ترى كيف يصبح الكاتب العربي معروفا في ألمانيا أو أوروبا أذا لم تترجم أعماله؟".
واضاف: في زمن ألمانيا الشرقية كانت دور النشر حكومية وكانت تقوم بالنشر بناء على برنامج للادب الفلسطيني والسوري والمغربي، اما بعد وحدة ألمانيا باتت دور النشر مقتنعة ومصرة على أولويات السوق وحجم المبيعات.
ودافع أورت عن التوجه الألماني في الحوار بين الغرب والإسلام من خلال تخصيص ميزانيات لذلك بعد أحداث ايلول في الولايات المتحدة الأميركية، موضحا أن موقفا سلبيا تجاه كل ما هو مسلم تشكل في ألمانيا بعد العام 2001 خصوصا بعد وقوع محاولات لتفجيرات في حافلات قطارات ردا على الرسومات المسيئة للرسول محمد في الدنمارك وهذا زاد الأمور تعقيدا.
وشدد اورت على موضوع "الترجمة الضارة" خصوصا عندما يتم ترجمة نصوص من العربية إلى الألمانية بشكل خاطئ، فهذا الامر ضار لأنه يعطي صورة عن هذه النصوص على أنها غريبة وغير مؤثرة، خصوصا عندما يخوض هذه التجربة مترجمون غير متمكنين من اللغة العربية وغير متمكنين من النص العربي وبالتالي ينقله بصورة خاطئة إلى الألمانية.
يذكر أن اورت حضر للمشاركة في مؤتمر علمي متخصص في الترجمة عقد الاسبوع الماضي في جامعة النجاح الوطنية في نابلس تحت عنوان "دور الترجمة في حوار الحضارات" الذي عقد بالتعاون مع المركز الثقافي الألماني "غوتة" وجامعات ألمانية مختصة في الترجمة وعلومها إلى جانب مشاركات من جامعات فلسطينية، حيث ركز المؤتمر على الترجمة كأداة لا يمكن الاستغناء عنها في حوار الحضارات والترجمة كتخصص مهني.
يحمل اورت درجة الماجستير في الفنون، وهو متخصص في الأدب القصصي العربي المعاصر، واهتم بأمور الترجمة ونال شهادة ترجمة للغة العربية بعد دراسات في اليمن ثم نال درجة الدكتوراه من جامعة برلين الحرة في اختصاص الأدب اليمني، وله عدة ترجمات منها، نشأة القصة الحديثة في اليمن وقائمة الكتب القصصية في اليمن، ونشر بعض الدراسات في مجلات يمنية وعربية والقى بعضها في ندوات باليمن.
تعليقات