التخطي إلى المحتوى الرئيسي

وقفة مع الخدع الاجتماعية.. بقلم: صلاح هنية


04.10.09 - 13:41

تاريخيا لا تخدعني النظرة الأولى... لا تخدعني المظاهر.... لا تخدعني حلاوة اللسان....

تاريخيا يقال عني أنني بسيط وقلبي أبيض.... سريع الاندفاع باتجاه تكوين صداقات حميمة وهذا ما كان ولا زال يؤخذ ضدي سلبيا حرصا علي وحبا....
بقيت مصرا على عاداتي ذاتها دون تردد رغم تكرار النصائح إلى أن وقعت في الشرك المحظور عن سابق احترام وتقدير من طرفي جامعا من أوقعني عكس ذلك تماما....

لا أريد أن أقدم اعترافا مشفوعا في القسم ولا درسا في الأخلاقيات تلك المادة التي استمتع في نقاشها مع ابني في الصف التاسع وهي جزء من منهاجهم في مدرستهم وكنت أظن أن الاسم يتعلق بمثاليات ولكنني وجدت أن الموضوع ليس كذلك بتاتا بل هو يعالج مواضيع حياتية واقعية باتت حاجة ملحة لمن يدعون المعرفة....

استغربت تماما أن يكون الأهم مني موقعا والأكثر مني خبرة ودراية مبهورا باليافطات البراقة فيظل أسيرا لهذا التصور على مدار سنوات وبالتالي يعتقد أنه الفائز الأكبر ولكنني أخاله الخاسر الأكبر ليس على مستوى شخصي ولكن على مستوى العمل العام الذي يترك آثاره على المجتمع ككل سلبيا....
التقيت أحد الصيادين للشرك المحظور في أحدى جلسات الأنس في أحدى الخيم الرمضانية قال لي ( أنا أحكي شوي عربي عشان عشرين سنوات في أميركيا ) وفجأة اكتشفت أن الأخ خبير ويشغل موقع في مهمة حساسة قلت علا وعسى، طبعا الخبير أفندي لا يجلس على مكاتب أمثالنا ولا كراسي أمثالنا ولا يقبل بشبابيك بلا ستائر ولا أرض بلا سجاد ولا سماء بلا مظلة، وبالتالي راتب خارج الكادر وخدمات خارج ضيق ذات اليد على البقية....

هاتفت صديقي الحميم وقلت بدنا نزبط حالنا الوضع بات لا يطاق، فجاء الرد سريعا بعد ضحكة مجلجلة أنت تريد تزبيط حالك قلبك ابيض، طارت الطيور بأرزاقها!!!

في العيد ذهبت صوب ثلاثة حاجات مسنات يعرفونني بحكم القرابة والجيرة منذ الصغر جلست أقدم واجب التهنئة بالعيد وبذكاء الفطرة لمحوا تغيرا ملموسا على حالي. ذكروني بالذي كان وأيام العز والود وطهارة اليد والقلب وحب الخير للآخرين والوئام والعطاء بلا حدود، صدقا لقد شحنت كبطارية بقدرات عالية جدا وتغير اتجاه تفكيري عودة على بدء بالخير لكل الناس خبيرا كان أم غفيرا أم مستشارا أم نجما لامعا أم تاجر شنطة أم متملق.

صديقي القادم من خارج الوطن ذكرني بأن كل شيء في هذه الحياة له حده ولا بد أن ينتهي مذكرا (لو دامت لغيرك ما وصلت اليك) ومنبها بنظرية التطور لدى روستو الذي ركز على إمكانيات الإقلاع ومن ثم لا بد أن تلو ذلك هبوط وهو يتحدث هنا عن الحضارات. آسف لإزعاجكم بهذه الخواطر ولكنني توجهت فورا صوب المشفى لزيارة مريض لحظتها أدركت تماما أن الصحة يتلوها مرض والقوة يتلوها ضعف والذكاء قد يأتي بعده ضمور في المخ وبلاهة بلا حدود.
وكزني أحد المتفلسفين من الأصدقاء المقربين العارفين بحالي وقال الموضوع شكله كالعادة سحابة صيف نتاج موقف محدد.

قلت للأمانة أن الموضوع تراكمات باتت تثقل الحمل وتفوق قدرات الصبر والاحترام المبني على الثقة، وأنت تعرف إنني دائما اردد دعاء عمر بن الخطاب (اللهم امنحني ظهرا قويا وحملا ثقيلا).

الفيلسوف قال طول عمرنا في هذه الميمعة شو جد اليوم، دائما أكتافنا تحمل الآخرين وبعدين ما حد بعرفنا ولا بسمعنا ولا بشوفنا مش على مستوى كبار يا رجل على مستوى أولاد أمبارح اللي بتشجعهم وبتمنحهم عناصر القوة والثقة بالنفس.

قلت تخيل يا رجل على جسر الكرامة منذ أيام تدافع الناس صوب الحافلة بصورة جنونية نتيجة الضغط الهائل أب صرخ عاليا ابني طفل صغير ضاع بين أرجلكم مشان الله، حملت الطفلين وأصعدتهم عتبة الحافلة، ما كان من الأب إلا أن وضع يده على بوابة الحافلة وبدأ يشتم ويلعن ويهدد من يتخطى دور بقية من معه من كبار السن البالغين العاقلين الراشدين وما كان منه إلا أن دفعني بعنف لا يطاق، قلت لا حول ولا قوة إلا بالله، فعلا قلبي أبيض.

الفيلسوف أضاف إذا هيك بسيطة جرب روح على مدينة أخرى غير رام الله والبيرة في يوم الخميس بعد الساعة الثانية عشرة ظهرا، طب يا سيدي خلي حجة مسنة تقطع الطريق في وسط أي مدينة وابحث عن سائق يتوقف ثانية للسماح لها لكي تقطع الطريق، طب اجعل طالب مدرسة يعرف يتحرك من بوابة مدرسته ساعة المغادرة وتكون معظم السيارات لأولياء الأمور.

قلت الأدهى والأمر أن مواضيع في أيدينا ونستطيع أن نتصرف بها ببساطة من التجارة إلى العمل إلى الزراعة وفجأة تصبح مواضيع خبراء ومستشارين ومن ثم يكون النجاح بيد أبناء البلد الذين يتحدثون لغة الضاد بطلاقة وبراعة من صنف (أنا بهكي أربي) يعني (أنا بحكي عربي).
الفيلسوف أصر أن يزيدني من الشعر بيت

فقلت جئت لتخفف عني أرجوك دبر لنا نفس ارجيلة من قاع الدست حتى ننفخ وجعنا في الهواء الطلق ونعود إلى واقع الحال وهموم الوطن لعلنا نجد في فضاءه دولة.

الفيلسوف أصر على ارجيلة ضمن اجتماع عمل على طاولة مستديرة نصفه عربي ونصفه انجليزي ومش مهم يتابع الحضور أم لا، نعلن من خلاله تميزنا عن بقية سكان العالم في لحظة تجلي قصوى.

قلت ما فيش فائدة غطيني يا صفية.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

"مهرجان التسوق": نابلس حققت قصب السبق ..... بقلـم: صلاح هنية

كان رتل الـمركبات شبه متواصل من حوارة إلى مدخل نابلس صباح السبت، ولـم تخف حركة السير على الشارع الرئيس من رام الله إلى نابلس... يوم السبت، باختصار هو أن أكبر سدر كنافة سيدخل موسوعة (غينيس) وسيتم إنجازه في نابلس على الدوار ضمن فعاليات مهرجان نابلس للتسوق. الـمبادرة بحد ذاتها تستحق الثناء؛ كونها جاءت في الـمكان الـمناسب؛ نابلس العاصمة الاقتصادية الـمحاصرة والـمعزولة منذ العام 0002، وهي أساس بالإمكان البناء عليه في الأعوام الـمقبلة. الاهم ان الـمشهد على مدخل نابلس الرئيس بداية شارع القدس بات مختلفاً، حيث ازدان، الاسبوع الـماضي، بلوحات اعلانية لـمنتجات غير فلسطينية إلى جانب اعلانات الترويج للـمهرجان، الدعوات توالت خصوصاً من "الراصد الاقتصادي" إلى محافظ نابلس بهذا الخصوص علـماً أن معظم الشركات الفلسطينية راعية للـمهرجان ولا تستحق الا الدعم والاسناد على فعلها الاقتصادي هذا، وهذه نقطة تسجل لنابلس، ومحافظها وفعالياتها. الاستجابة كانت سريعة فاستبدلت بإعلانات للـمنتجات الفلسطينية التي دعمت ودعت إلى مهرجان نابلس للتسوق، ومن الواضح ان موقف الـمحافظ هو الذي ادى لهذه النتيجة الطيبة، وترك آ

صلاح هنية: ‏إصرار على مكافحة الفساد الغذائي

رتفع كل فترة صرخات المستهلكين الفلسطينيين ضد الأغذية الفاسدة، والمنتجات المهربة من المستوطنات. ويؤكد رئيس جميعة حماية المستهلك الفلسطيني صلاح هنية على محاربة هذه الظواهر، لافتاً الى وجود الكثير من المعوقات وهذا نص المقابلة: *هل من غطاء قانوني للمستهلك الفلسطيني؟ يتمتع المستهلك الفلسطيني بحقوق حمائية، إذ يتم تطبيق قانون حماية مستهلك عصري يحمل ‏الرقم 21 لعام 2005، ويغطي بشمولية قضايا المستهلك المحورية. وتتمثل هذه القضايا بضرورة إشهار الأسعار، ومحاربة الغبن ‏التجاري والغش والتلاعب بالأسعار والأغذية والسلع. وينظم القانون آلية حماية المواطنين، من خلال تأسيس جمعية ‏حماية المستهلك، والمجلس الفلسطيني لحماية المستهلك، ويتيح للجمعيات رفع قضايا نيابة عن المستهلك دون أي ‏حاجة لتوكيل كونها جمعيات تمثيلية، ويركز على قضايا تنسيقية بين الجمعية والقطاع العام‎.‎ والجانب الثاني الإيجابي، ورغم حداثة عمر جمعية حماية المستهلك الفلسطيني، ورغم ضعف مواردها المالية إلا أنها ‏استطاعت تحقيق إنجازات، واستطاعت الضغط والتأثير على العديد من القرارات الحكومية بما يضمن حقوق المستهلكين. ‎*لكن، هل القانون والج