التخطي إلى المحتوى الرئيسي

فتح New look ....... بقلم صلاح هنية


بعد استشهاد القائد الرمز ياسر عرفات بات لسان حال القيادة الفتحاوية انذاك يقول (نريد الانتقال بفتح من رمزية القائد التي افتقدناها إلى رمزية المؤسسة التنظيمية والبوابة العريضة لذلك عقد المؤتمر العام السادس) وأخذ الموضوع سنوات بعد ذلك وكأن الملف قد طوي، وظل المؤتمر موضوع يتم الحديث فيه همسا وأحيانا يستخدم للمز والغمز حول من كان يعتقد أن المؤتمر لا يشكل لديهم مصلحة، أما ابناء فتح فقد رؤوا أن المؤتمر ممر اجباري لاستنهاض الحالة التنظيمية والنهوض يالحركة وأزالة التكلس الذي الم بها على مدار عشرين عاما مضت.

الكادر الفتحاوي المجرب كان يعلم علم اليقين أن الحديث حول المؤتمر هو لمجرد ذر الرماد في العيون ولم يكن تعبير عن حالة حراك سياسي واستنهاض، وهذا ما بات واضحا خلال اجتماعات ولقاءات حول الموضوع إلى أن وصلنا للحظة التي لا مناص منها لعقد المؤتمر، وللحقيقة والتاريخ فقد تسارعات نبضات القلب وزاد التوتر كلما قاربت ساعة الصفر لانعقاده لأن الكادر الفتحاوي كان مدركا وواعيا أن المصلحة الوطنية الفلسطينية والمشروع الوطني الفلسطيني برمته على المحك في حال لا سمح الله وقع شيئا لا تحمد عقباه، وكان الكادر الفتحاوي مدرك أيضا أن الباغضين كثر والراغبين بعثرات لمصالح ذاتية ضيقة ولارتباطات وراءها ما وراءها غير أبهين بمستقبل المجموع الوطني ككل.

سررت بحالة الحراك التي سبقت انعاقاد المؤتمر واثناءه وبعده فقد تمت ممارسة لعبة التأثير على القرار من بعض الكادر الفتحاوي المجرب الراغب بعقد المؤتمر كما قلنا كممر اجباري لاستنخاض الحالة الفتحاوية.

وأخيرا فتحت بوابة المؤتمر العام السادس لحركة فتح على مصرعيها وهذا لوحده أنجاز يستحق البناء عليه .... وللأمانة لم يكن انعقاد المؤتمر أمرا يسيرا خوفا على الحركة ومستقبلها.

كانت الشعارات المطروحة في أروقة المؤتمر تحاكي مفاصل القضية الفلسطينية بكامل تفاصيلها ( ليرفع الحصار عن غزة) (حق العودة والقرار 194) (القدس عاصمة الدولة الفلسطينية) ( الاستيطان غير الشرعي وضرورة زواله ورحيل المستوطنين مع المستوطنات) ( الدولة الفلسطينية على حدود 1967) (الأسرى).

في أروقة المؤتمر شعر المؤتمرين بالمسؤوليات الجسام الملقاة على كاهلهم خصوصا أن المؤتمر تمثيلي للكادر الفتحاوي فبات كل عضو يشعر بحجم المسؤولية بعد لحظة افتتاح المؤتمر واداءه لقسم فتح، طبعا لم يكن للحظة المؤتمر مجاملا بل كان مسؤولا ووطنيا شموليا ووحدويا، كان الجميع يركز على أن الصراع مستمر ومتواصل وأن الاحتلال ماض في تصعيده عبر الاستيطان وتهويد القدس والحصار وضرب الاقتصاد الفلسطيني ووضع نفسه فوق القانون والمساءلة القانونية، وكان لسان الحال يقول أننا لسنا في مرحلة ما بعد الصراع نحن في مرحلة الصراع كنا ولا زلنا، كانت رموز الحركة حاضرة والحركة الأسيرة التي تشكل فتح منها أكثر من 60% حاضرة. في قاعة المؤتمر ذابت تلقائيا كل المسافات والتقى الجميع لأنهم في المحصلة النهائية ابناء حركة فتح المكون الرئيسي للحركة الوطنية الفلسطينية وبات الجميع ينطلق من منطلقات ومبادئ ومفاهيم وقاعد ورؤى فتح دون غيرها.

محطات ثلاثة مهمة في المؤتمر:
1) أن الديمقراطية كانت سكر زيادة الأمر الذي أدى إلى فتح باب النقاش على مصرعيه بصورة مفتوحة دون مواربة ودون منع من أحد، خصوصا ممن كان مهتما بأن يخرج من المؤتمر بنتيجة تطرح (فتح) بقوة على المستوى الفلسطيني والدولي.
2) وضع المؤتمر كل من طرح ويظل يطرح برامج ورؤى بديلة لواقع الخلل التنظيمي والتكلس الذي أصاب التنظيم أمام مسؤوليات جسام سواء على صعيد النقاش وطرح أوراق العمل والرؤى والمشاركة في أعمال اللجان الفرعية الثمانية عشر، أو من قاده الصندوق إلى اللجنة المركزية للحركة ليصبح مطلوبا منه وضع خططه وتصوراته موضع التنفيذ بعد أن انتهت نشوة الفخر الفتحاوي بافتتاح المؤتمر ونجاح أعماله وتأسيسه لمرحلة سياسية جديدة على أرض فلسطين.
3) بات من الواضح أن فتح عندما تنوي طرح نفسها وتخلق معطيات مرحلة جديدة تستطيع وتنجح. الأمر الذي أوجد اهتماما غير مسبوق بمجريات مؤتمر فتح ونتائجه فقد كان محط اهتمام الاعلام والكتاب وابناء الشعب الفلسطيني الذين أشعلوا شبكة الهاتف الخلوي وهم يهاتفون مطمئنين مستفسرين، الشعب الفلسطيني برمته كان يعيش ايامه العشرة الأخيرة على توقيت ومسار الأمور في مؤتمر فتح السادس.

محطات ما بعد المؤتمر:
1) من الخطورة بمكان الحديث ما بعد المؤتمر بذات الخطاب ما قبل المؤتمر، وهذا ما يجب أن يكون واضحا لدى الأوساط غير الفتحاوية وخاصة الكتاب والمحللين السياسيين ثانيا، وأولا ابناء حركة فتح الذين يجب أن يمتلكوا مفرادات الخطاب والتوجه الذي خطته فتح في مؤتمرها السادس، ولم يعد هناك مكانا للهمز واللمز والأشارة لأن المؤتمر اتسع لكل صاحب وجهة نظر ورؤية وهتاف وتعبير عن حالة غضب.
2) ما بعد المؤتمر بات ملف عضوية المؤتمر والحديث عن (تيارات) وغيره من مفردات المرحلة السابقة تصنف في خانة أحباط التجربة الفتحاوية الجديدة لحركة مثل فتح هي حامية المشروع الوطني الفلسطيني والأقدر على تحقيق الحرية والاستقلال لشعبنا الفلسطيني، وبالتالي هذا جميعه بات جزء من الماضي الذي لم يعد له مكانا بيننا.
3) اليوم ومنذ بداية التخضير للمؤتمر كنا نقول الأهم اليوم الذي يلي اختتام أعمال المؤتمر اليوم يجب أن تحاكم التجربة بمعطيات ووقائع اليوم وليس الأمس.
4) لم يكن الحضور الدولي الممثل بأحزاب وقوى عالمية وعربية في جلسة افتتاح المؤتمر والقاء الكلمات التي حملت معان كثيرة أمرا عبثيا بل كان تعبيرا عن الاهتمام باليوم الذي يلي يوم المؤتمر، اهتمام عالي بماذا نريد.
5) ويجب هنا التوقف أمام محطات مفصلية في ما بعد المؤتمر العام السادس:
a. دور فتح في استنهاض منظمة التحرير الفلسطينية عبر ضرورة عقد جلسة للمجلس الوطني الفلسطيني وإعادة انتخاب هيئات منظمة التحرير الفلسطينية.
b. دور فتح في الانتخابات الرئاسية والتشريعية في العام 2010 واستنهاض دور الحركة في هذا الأمر خصوصا بعد ارتفاع شعبية فتح في استطلاعات الرأي بعد نجاح المؤتمر.
c. دور فتح في رسم الرؤية الاقتصادية لفلسطين كما خطتها في المؤتمر من خلال طرح فك تبعية الاقتصاد الفلسطيني عن الاقتصاد الإسرائيلي ومقاطعة السلع الاستهلاكية الإسرائيلية التي لها بديل فلسطيني، وهذا أمر سيكون حاضرا ويترك اثاره الايجابية على الوضع الاقتصادي الفلسطيني.
d. إعادة ترتيب وتفعيل المنظمات الشعبية بقرار فتحاوي أذ لم يعد ممكننا قبول واقعها ماقبل المؤتمر كما هو ما بعد المؤتمر ولم يعد هناك دعما شخصيا من تحت الطاولة وبشكل خاص نقابة الصحفيين التي أكل عليها الدهر وشرب والنقابات العمالية وغيرها من أطر ومنظمات شعبية. لم يعد اعتماد بقاء قيادتها على نمط الوشوشة وقرار بالجيبة من هذه الجهة أوتلك منذ اليوم هناك قرار مركزي تنظيمي من يخوض الانتخابات البلدية والمنظمات الشعبية والغرف التجارية والمجلس التشريعي وغيرها.

حقيقة الأمر أننا جميعا مكونات الحركة الوطنية الفلسطينية والشعب الفلسطيني برمته يقف ضمن مرحلة مفصلية من تاريخ القضية الفلسطينية، أمام حراك دولي (مهما اختلفنا حول تقييمه) يصب في اتجاه فكرة الدولتين، وأمام حالة انقسام جراء الانقلاب الدموي في غزة، وتراجع التأثير في الموقف العربي والإسلامي على مستوى المجتمع الدولي باتجاه تحقيق السلام العادل والشامل الذي يفضي إلى الحرية والاستقلال، وفي ضوء تصعيد إسرائيلي محموم ضد الأرض والإنسان ومكونات الحياة، لهذا جميعه كان مهما جدا أن تستنهض فتح نفسها وترسم مسار مسيرتها للمرحلة القادمة وتثبت المؤتمر العام كإطار مرجعي للمحاسبة والمكاشفة كل اربعة أعوام، وتجد الأليات التي تؤهلها لأنفاذ الرؤى والاستراتيجيات والأهداف التي اتفق عليها في هذا المؤتمر، وتكون فتح مفتوحة لدراسة كافة الخيارات خصوصا انها اتفقت ضمن برنامجها السياسي المقر في المؤتمر العام السادس أنه لا مفاوضات إلى الأبد بل يجب أن يكون هناك مفاوضات ضمن سقف زمني ومرجعيات ومحددات واضحة، ولم تغفل عيون الفتح عن المقاومة والعصيان المدني ونموذج بلعين والمعصرة وأم سلمونة وجيوس.

هناك خارج المؤتمر كان الشعب الفلسطيني برمته يراقب بأمل مسار المؤتمر ولم يكن أمام فتح خيار الا أن تنجح، ولا خيار الا سيادة قانون المحبة، ولا خيار الا استنهاض فتح وتفعيل الحالة التنظيمية الفتحاوية، لا خيار الا التأكيد على الوحدة الوطنية الخيار الاستراتيجي للحرية والاستقلال، ولا خيار الا التعاطي مع الوطن ككل واحد رغم الانقسام فظلت غزة في القلب وفي الوجدان وبقيت حاضرة في عملية الاقتراع حتى أخر دقيقة على قاعدة أن المؤتمر العام الحركي هو واحد موحد حتى ولو شاءت حماس التأثير على نتائجه.

قيل وسيقال الكثير عن (فتح) وسيناكف من يناكف على قاعدة أن لا شيء وقع سوى حماية وحدة فتح وتحقيق عنصر التغييروهل هذه قضايا بسيطة ونتائج عادية بالعكس تماما هي قضايا مفصلية ومهمة، ولكنها جزء من كل في إطار ما أنجزه المؤتمر وإلى جانب ما تم طرحه وتداوله في المؤتمر وكيف استطاعت فتح أن تعيد الحالة الوطنية إلى الشارع الفلسطيني والذي بات ينتظر خيرا.

فلسطين والفلسطينيون ربطوا مستقبل القضية الفلسطينية الأن بمؤتمر حركة فتح سواء رغبة بالنجاح ... وجتى من حاول التأثير سلبيا على مسار المؤتمر من خلال منع الكوادر الفتحاوية في غزة من الانتخاب والخروج إلى مكان انعقاد المؤتمر كانوا ايضا بوعي يربطون المستقبل الفلسطيني بنتائج المؤتمر .... وحتى الريبضات والمحبطين كانوا ايضا يلعبون في ذات الملعب أن المستقبل مرهون باستنهاض فتح ......

استوقفني الشاب الثلاثيني في طريق توجهي إلى قاعة المؤتمر في بيت لحم وقال لي كم يوم باقي للمؤتمر؟ ما هي ابرز النتائج؟ وفي النهاية اقسم الشاب رغم صغر سنه أنه لم يرى بيت لحم أجمل يوما من جمالها ورونقها في ايام انعقاد المؤتمر........

salahhanieh@maktoob.com
aya2abd.blogspot.com




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

"مهرجان التسوق": نابلس حققت قصب السبق ..... بقلـم: صلاح هنية

كان رتل الـمركبات شبه متواصل من حوارة إلى مدخل نابلس صباح السبت، ولـم تخف حركة السير على الشارع الرئيس من رام الله إلى نابلس... يوم السبت، باختصار هو أن أكبر سدر كنافة سيدخل موسوعة (غينيس) وسيتم إنجازه في نابلس على الدوار ضمن فعاليات مهرجان نابلس للتسوق. الـمبادرة بحد ذاتها تستحق الثناء؛ كونها جاءت في الـمكان الـمناسب؛ نابلس العاصمة الاقتصادية الـمحاصرة والـمعزولة منذ العام 0002، وهي أساس بالإمكان البناء عليه في الأعوام الـمقبلة. الاهم ان الـمشهد على مدخل نابلس الرئيس بداية شارع القدس بات مختلفاً، حيث ازدان، الاسبوع الـماضي، بلوحات اعلانية لـمنتجات غير فلسطينية إلى جانب اعلانات الترويج للـمهرجان، الدعوات توالت خصوصاً من "الراصد الاقتصادي" إلى محافظ نابلس بهذا الخصوص علـماً أن معظم الشركات الفلسطينية راعية للـمهرجان ولا تستحق الا الدعم والاسناد على فعلها الاقتصادي هذا، وهذه نقطة تسجل لنابلس، ومحافظها وفعالياتها. الاستجابة كانت سريعة فاستبدلت بإعلانات للـمنتجات الفلسطينية التي دعمت ودعت إلى مهرجان نابلس للتسوق، ومن الواضح ان موقف الـمحافظ هو الذي ادى لهذه النتيجة الطيبة، وترك آ

صلاح هنية: ‏إصرار على مكافحة الفساد الغذائي

رتفع كل فترة صرخات المستهلكين الفلسطينيين ضد الأغذية الفاسدة، والمنتجات المهربة من المستوطنات. ويؤكد رئيس جميعة حماية المستهلك الفلسطيني صلاح هنية على محاربة هذه الظواهر، لافتاً الى وجود الكثير من المعوقات وهذا نص المقابلة: *هل من غطاء قانوني للمستهلك الفلسطيني؟ يتمتع المستهلك الفلسطيني بحقوق حمائية، إذ يتم تطبيق قانون حماية مستهلك عصري يحمل ‏الرقم 21 لعام 2005، ويغطي بشمولية قضايا المستهلك المحورية. وتتمثل هذه القضايا بضرورة إشهار الأسعار، ومحاربة الغبن ‏التجاري والغش والتلاعب بالأسعار والأغذية والسلع. وينظم القانون آلية حماية المواطنين، من خلال تأسيس جمعية ‏حماية المستهلك، والمجلس الفلسطيني لحماية المستهلك، ويتيح للجمعيات رفع قضايا نيابة عن المستهلك دون أي ‏حاجة لتوكيل كونها جمعيات تمثيلية، ويركز على قضايا تنسيقية بين الجمعية والقطاع العام‎.‎ والجانب الثاني الإيجابي، ورغم حداثة عمر جمعية حماية المستهلك الفلسطيني، ورغم ضعف مواردها المالية إلا أنها ‏استطاعت تحقيق إنجازات، واستطاعت الضغط والتأثير على العديد من القرارات الحكومية بما يضمن حقوق المستهلكين. ‎*لكن، هل القانون والج