التخطي إلى المحتوى الرئيسي

هموم مواطن مقدسي .... بقلم : صلاح هنية




وتظل القدس خارج حالة التجاذب السياسي بين كافة القوى السياسية ... نتيجة قد لا يشعر بها المواطن الفلسطيني من بقية الضفة الغربية ومن محافظات غزة لأن لكل شأن يكفيه ... لكن الساسة والمنظرين والكتاب وأصحاب المواقع الإلكترونية وذوي المشاريع والدورات ليسوا ممن نلتمس لهم عذرا في موضوع القدس لأنهم يمتلكون هذه الصفات.
القدس تختطف منا جزء جزء تارة وعيوننا اليها ترونو وتارة نغض الطرف، ولب الأزمة أن هذا الأمر يعني الكثير للمقدسيين اليوم فهو يشعرون أنهم دون ظهر قوي يسندهم، فالانقلابيون في غزة مشغولون إلى رأسهم بتثبيت وهم قدرتهم على الاستمرار في جزء من الجزئية المتبقية في الوطن، والشرعية وحكومة تسيير الأعمال في الضفة الغربية مستثنى منها ما يقي لنا يعد الجدار والاستيطان والطرق الالتفافية يركزون على الأمن الأمن الأمن الذي سيجلب التنمية الاقتصادية، القدس باختصار خارج السجال والتجاذب السياسي.
المقدسي اليوم إنسان يريد أن يعيش حياته العادية لكن ضمن قواعد مختلفة جذريا هو في كل لحظة مطالب أن يثبت لبلدية الاحتلال والتأمين الوطني وصندوق المرضى أنه لا زال على قيد الحياة وأنه دفيع من الدرجة الأولى (أ) (وهذا تصنيف لا علاقة له بموضوع الهيكليات والرتب الوظيفية!!!!!) يحتاج أن يفتح ملف لفواتير المياه والكهرباء 12 فاتورة لكل منهما، الهاتف، الارنونا، شهادات الأولاد والبنات في المدارس، وصولات القبض من المدارس، وأينما يسير يجب أن يوثق كل خطوة ويفتح لها ملف ليضمن الحد الأدنى من حقه أنه مقدسي مقيم في القدس.
المقدسي اليوم مهدد أكثر من أي وقت مضى فهو لا يشعر بالأمان فقد هجر بيته في منطقة خارج الجدار على اعتبار أنها ضفة غربية لا تؤهله أن يبقى مقدسيا أن بقي فيها، فتصبح عرضة لعبث العابثين من اللصوص وشقاوة المارة هواة تكسير زجاج المنازل، عشرات المنازل داخل الجدار هجرت أيضا ضمانا للهوية المقدسية ورغم أنها داخل حدود القدس الا أنها عرضة لعبث العابثين، عشرات الأوراق مثبتة على زجاج هذه المنازل والعمارات للاستثمار بشروط جيدة، للايجار .... الخ.
وحسب لؤي شبانة (التحولات الاجتماعية والديمغرافية في القدس) يعيش معظم سكان القدس الذين يشكلون حوالي سدس سكان الضفة الغربية في ظروف استثنائية صعبة نتيجة السياسات والقوانين الإسرائيلية التي تعرقل مختلف جوانب حياتهم، أذ يضطر المقدسي أن يكافح للحصول على كل حق من حقوق المواطنة التي يمنحها القانون أصلا، فقد اضطر حوالي ثلث سكان القدس إلى تغيير مكان اقامتهم نتيجة بناء جدار الضم والتوسع وتبعاته ...)
المقدسي له علامة فارقة فما أن يبلغ ابنه سن الزواج فيبدأ ملف المتاعب يتسع أسطر وصفحات، حق السكن الذي يعتبر حق من حقوق الإنسان يجب أن تتوفر كل السبل من أجل صيانته، مشطوب مقدسيا، رخصة البناء تحتاج إلى ميزانية على الأقل حجمها بحجم ميزانية مديرية لأحدى الوزارات في أحدى المحافظات، وهي تصل جزء بالمليون من ميزانية القوة التنفيذية، والأيجار داخل القدس حلم صعب المنال سواء من حيث ازدياد الطلب وقلة أو انعدام العرض، وارتفاع مقابل الأيجار في ظروف سكن غير مناسبة، وهذه قضية أخرى تضاف على ملف الهموم المقدسية.
القدس تجاريا تضررت بشكل كبير وظاهر (القدس دون بقية الضفة الغربية لا جدوى اقتصادية لأي مشروع أو عمل فيها) القدس مدينة كبيرة ارتبطت تاريخيا باسماء مدن عريقة مثل دمشق وبيروت وهي اليوم لم تعد تمتلك مواصفات المدينة، القدس التي خرجت وانتجت رموزا ثقافية وعلمية ورجالات عمل اجتماعي وتربوي يشار لهم بالبنان، القدس التي تمتلك مكتبات عائلية عامة، وتمتلك مؤسسات تعليمية عريقة بدأت عملها في العشرينات ولعل اسماءها لا زالت حاضرة في أذهان العديدين سواء الكلية الابراهيمية ومؤسسها مربي الأجيال الاستاذ نهاد ابو غربية، ودار الطفل والاستاذ المرحوم اسحاق الحسيني ومن ثم المرحومة هند الحسيني، واستاذ الجيل المرحوم خليل السكاكيني، والمدارس العريقة من الرشيدية إلى العمرية، والمؤسسات العريقة سواء شركة كهرباء القدس ومستشفى المقاصد والمطلع، إلى رموز العمل الثقافي والفني والادبي والشبابي والرياضي.
ولعله من المفيد هنا بعض الاقتباسات من مؤلفات ذات أهمية حول القدس منذ عهد العثمانيين .....
((المسيحيون يحتفلون بشهر رمضان، ومثقفوهم ينكبون على إتقان قراءة القرآن للتمكن من العربية. والمسلمون يحتفلون بأعياد المسيح ويرقصون في عيد البوريم اليهودي. والجميع يرى في الجميع أشياء كثيرة، جميلة وغير جميلة، هي ما تحدد نبل الفرد أو عدمه، لكن هويته الدينية (المتضمنة والتي تحترم في الخلفية العامة للأفراد) هي آخر ما يُستند إليه كمعيار للنزاهة والألفة. أهل القدس وأعيانها يجتمعون في سرادقات الغناء التي تُقام في القدس القديمة أمام بوابة يافا سنة 1908 للاحتفال بالثورة الدستورية، وفيها يغني الشيخ سلامه حجازي القادم من مصر، وهو نصف مشلول، ويقود له الأوركسترا جورج الأبيض. يغني الشيخ بكل حواسه فيبكي الجميع طرباً وجذلاً حتى اليونان الذين لا يفهمون العربية. في سماء قدس تلك الأيام ابتسامات الوجوه كانت تضيء بفرح عفوي مشترك فيه علو كعب للحياة، ودنو كعب للسياسة وتدخلات الدين فيها. واصف جوهرية عازف عود القدس يرصد في مذكراته البديعة تفاصيل قدس تلك الأيام، وأغنيات ذلك الحفل وتراً بوتر، وأغنية بأغنية. صورة القدس ما قبل الاستعمار البريطاني، وما قبل المشروع الصهيوني، كانت غنية في عمق البساطة، والتحام التعايش، وعفوية الحياة، ومحو التعصب الديني من الفضاء العام. هذا وغيره هو ما ينقله لنا بحث سليم تماري الممتع حول الحداثة المبكرة في أزقة القدس القديمة في حقبة أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، وذلك عبر قراءته وتحليله لمذكرات الموسيقي المقدسي واصف جوهرية. البحث منشور في كتاب شيق (بالإنجليزية) حول سياسات الثقافة الشعبية في فلسطين وإسرائيل وعنوانه Palestine, Israel, and the Politics of popular Culture (2005) وهو من تحرير Rebecca L. Stein and Ted Swedenburg ومن المفيد الإشارة هنا إلى أن المذكرات الكاملة لواصف جوهرية قد حررها سليم تماري وعصام نصار في ثلاثة أجزاء بالعربية بعنوان "أحوال القدس العثمانية في المذكرات الجوهرية" وأصدرته مؤسسة الدراسات الفلسطينية في بيروت عام 2003)).
حتى نخرج من دائرة لطم الخدود وضرب الصدور والبكاء والعويل، ومن دائرة ابر المورفين منتهية الصلاحية يجب أن تعتمد سياسة واضحة من قبل منظمة التحرير الفلسطينية أولا ومن الرئاسة الفلسطينية ثانيا وحكومة الدكتور سلام فياض ثالثا، محاورها:
- الجهود كل الجهود من هذه الجهات باسناد شعبي للقدس أولا وثانيا وإلى الأبد.
- إعادة الاعتبار لملف القدس في منظمة التحرير الفلسطينية من خلال خطة عمل وبرنامج ومأسسة وأدوات فاعلة وذات مصداقية، تكمل مشوار أمير القدس فيصل الحسيني.
- التركيز على مسألتين الأول خطاب إعلامي واضح حول القدس ومن القدس في قلب الحصار والتهوديد، والثانية تعزيز دور القطاع الخاص في التنمية والنهضة بالقدس ليس كعمل خيري اجتماعي بل كعمل استثماري ربحي وهو حق لهم.
مفاصل مهمة:

- قطاع الإسكان:
o التحضير لأقامة وحدات سكنية في القدس لحل مشكلة الازدحام والاكتظاظ بين المقدسين وارتفاع الطلب وقلة العرض، وهذا دور يستطيع أن يلعبه القطاع الخاص على قاعدة النزاهة والشفافية، وليس تحويله لمصدر استرزاق للبعض المشكوك في ذمتهم المالية وللقدس معهم تجارب.
o تخصيص برنام إسكاني خاص لدعم البناء للأفراد الذين ينون التوسع ويوجد لديهم رخص بذلك.
o تشجيع ودعم جمعيات الإسكان التعاونية واسنادها فنيا.
- حفظ التراث المعاماري والحضاري في القدس وخصوصا الابنية التراثية والتاريخية وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك.
- قطاع الرياضة والشباب:
o المطلوب عمليا إعادة فتح المؤسسات الشبابية المغلقة في قلب القدس وعدم التعاطي مع فكرة العمل في محيط القدس التي تعتبر مناطق ضفة غربية، وهذا يستدعي قرارا من أجل إلزام المؤسسات المغلقة لاسباب ذاتية داخلية أن تعود للعمل بشروط افضل.
- ملف المؤسسات المقدسية المغلقة بقرار احتلالي:
o يجب عرض هذه القضية على مستوى دولي من أجل إعادة فتح هذه المؤسسات وخصوصا بيت الشرق، والغرفة التجارية الصناعية، ونادي الأسير وغيرها.

- التنمية من أجل الصمود:
o المطلوب اعتماد نمط التنمية من أجل الصمود والتحدي لتنمية القدرات الاقتصادية وتعزيز الانتاجية والاعتماد على الذات.
- التعليم والصحة:
o دعم تطوير واسناد المؤسسات التعليمية والصحية في مواجهة الحصار والمضايقات.
- الحياة الثقافية والفنية والتراثية.
- تحديد رزم مشاريع تنموية من أجل صمود المواطنين وفتح فرص عمل جديدة.
القدس أمانة في الأعناق يجب أن نؤدي الأمانة على خير وجه.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

"مهرجان التسوق": نابلس حققت قصب السبق ..... بقلـم: صلاح هنية

كان رتل الـمركبات شبه متواصل من حوارة إلى مدخل نابلس صباح السبت، ولـم تخف حركة السير على الشارع الرئيس من رام الله إلى نابلس... يوم السبت، باختصار هو أن أكبر سدر كنافة سيدخل موسوعة (غينيس) وسيتم إنجازه في نابلس على الدوار ضمن فعاليات مهرجان نابلس للتسوق. الـمبادرة بحد ذاتها تستحق الثناء؛ كونها جاءت في الـمكان الـمناسب؛ نابلس العاصمة الاقتصادية الـمحاصرة والـمعزولة منذ العام 0002، وهي أساس بالإمكان البناء عليه في الأعوام الـمقبلة. الاهم ان الـمشهد على مدخل نابلس الرئيس بداية شارع القدس بات مختلفاً، حيث ازدان، الاسبوع الـماضي، بلوحات اعلانية لـمنتجات غير فلسطينية إلى جانب اعلانات الترويج للـمهرجان، الدعوات توالت خصوصاً من "الراصد الاقتصادي" إلى محافظ نابلس بهذا الخصوص علـماً أن معظم الشركات الفلسطينية راعية للـمهرجان ولا تستحق الا الدعم والاسناد على فعلها الاقتصادي هذا، وهذه نقطة تسجل لنابلس، ومحافظها وفعالياتها. الاستجابة كانت سريعة فاستبدلت بإعلانات للـمنتجات الفلسطينية التي دعمت ودعت إلى مهرجان نابلس للتسوق، ومن الواضح ان موقف الـمحافظ هو الذي ادى لهذه النتيجة الطيبة، وترك آ

صلاح هنية: ‏إصرار على مكافحة الفساد الغذائي

رتفع كل فترة صرخات المستهلكين الفلسطينيين ضد الأغذية الفاسدة، والمنتجات المهربة من المستوطنات. ويؤكد رئيس جميعة حماية المستهلك الفلسطيني صلاح هنية على محاربة هذه الظواهر، لافتاً الى وجود الكثير من المعوقات وهذا نص المقابلة: *هل من غطاء قانوني للمستهلك الفلسطيني؟ يتمتع المستهلك الفلسطيني بحقوق حمائية، إذ يتم تطبيق قانون حماية مستهلك عصري يحمل ‏الرقم 21 لعام 2005، ويغطي بشمولية قضايا المستهلك المحورية. وتتمثل هذه القضايا بضرورة إشهار الأسعار، ومحاربة الغبن ‏التجاري والغش والتلاعب بالأسعار والأغذية والسلع. وينظم القانون آلية حماية المواطنين، من خلال تأسيس جمعية ‏حماية المستهلك، والمجلس الفلسطيني لحماية المستهلك، ويتيح للجمعيات رفع قضايا نيابة عن المستهلك دون أي ‏حاجة لتوكيل كونها جمعيات تمثيلية، ويركز على قضايا تنسيقية بين الجمعية والقطاع العام‎.‎ والجانب الثاني الإيجابي، ورغم حداثة عمر جمعية حماية المستهلك الفلسطيني، ورغم ضعف مواردها المالية إلا أنها ‏استطاعت تحقيق إنجازات، واستطاعت الضغط والتأثير على العديد من القرارات الحكومية بما يضمن حقوق المستهلكين. ‎*لكن، هل القانون والج