تفتحت قريحة الشعر وأدب الرثاء والعزاء ما بعد العدوان على غزة، فباتت قدم هذه الطفلة مثار للغزل، وعيون ذاك الطفل مادة دسمة لمقطوعة أدبية طويلة، ومشهد الدمار ستحق أن يصبح لوحة فنية قبل أن تزال أثار العدوان.
باتت أيضا موهبة الخطابة مهمة رائجة وذات سوق ورواد كثر، وبأمكانك اليوم أن تأتي إلى ساحة الجريمة في غزة وتخطب خطبة رنانة في تجمع لأهالي الأسرى والأسيرات، وأن تقف على أنقاض حي أو قرية بأكملها وتخطب وتطالب وتناشد.
المراسلون الصحفيون تحولوا أيضا إلى خطباء ورموز (جزيرة قطر) أوفدت طاقم متكامل منهم ياسر ابو هلالة الذي لا يكتفي بنقل الخبر بل لا بد من تعقيب وتوضيح (هؤلاء هم أمهات الأسرى والأسيرات الذين تناست ملفاتهم وقضاياهم المفاوضين والمفاوضات فذكرت بهم المقاومة وأعادتهم إلى صدر الأحداث) ويشير إلى أن (وجود سامي الحاج الذي أمضى زمنا معتقلا في غوانينامو بينهم /نحهم معان أخرى لأسر الأسرى ).
قناة ابو ظبي الفضائية التي لا تمتلك الأمارات العربية المتحدة الا كل خير تجاه الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية وهي الداعم والساند منذ الشيخ زايد رحمه الله إلى سلفه الشيخ خليفة بن زايد تخط بالخط العريض في شريط الانباء ليلة 26/1/2009 ضمن (المدار) 'حكومة رام الله : تقرر تقديم مساعدات مالية لغزة ومواد للمؤسسات الطبية والأغائية'.
'فضائية فلسطين' باتت بكل المعايير ليست مصدرا أخباريا أو تحليلايا وهي ليست محط أقبال المستمعين والمشاهدين، ما يقوله مسؤول فلسطيني في 'فضائية فلسطين' تحتاج إلى مذاكرة واجتهاد لتنقله إلى جمهور لم يسمعه لأن نسبة المشاهدة منخفضة ولو بحثنا فيه من حيث الجدوى الاقتصادية لقلنا أنه خسارة اقتصادية متراكمة، ولكن ذات المسؤول الفلسطيني خرج بذات الخطاب (بالعربي) على 'العربية' ولم تهدأ الجوالات وهي تنقل رسائل شاهدوا شاهدوا، في اليوم التالي البعض قال 'بدع' البعض قال 'زادها'، ولكن التقييم لم يتم بناء على ما قاله في 'فضائية فلسطين'.
وانصح 'فضائية فلسطين' وأنا أعرف أن هناك حقيقية في هذا الملف أن تكف عن استخدام شريط الأخبار للأشارة إلى (حماس) في غزة وتعرضها للمخالفين لها سياسيا، المطلوب اليوم أكبر من ذلك بكثير.
على جانب أخر أعرف أن هناك الكثير مما ينجز في ( الرئاسة) وفي (مجلس الوزراء برئاسة الدكتور سلام فياض ) لكن كم ما ينجز لا يترك اثاره إعلاميا، وهنا لا أقيس بعدد ما ينشر في الصحافة ولكن أقيس بحقيقة ما يصل الرأي العام الفلسطيني عن هذا الجهد، سواء على المستوى الداخلي أو الدبلوماسي أو الاقتصادي. أن تقديم جردة أخبارية ذات بعد وخطاب يخاطب الرأي العام الفلسطيني أمر بالغ الأهمية ليس بهدف كسب التأييد ولكن بهدف توضيح الحقيقة وترك الحكم للمتلقي.
وهنا أوضح بخصوص (الرئاسة) و ( رئاسة الوزراء ) لم يعد المطلوب الرد على تهكمات واتهامات (نزال، وحمدان، وابو مرزوق) بل المطلوب تجاوز هذه المسائل باتجاه خطاب وطنب مسؤول عن قضية شعب بأكمله وليس عن فئة أو قبيلة.
المحزن ورغم انحياز الحكومات الغربية لإسرائيل والرواية الإسرائيلية في العدوان على غزة وتبريرها للعدوان واتهام إسرائيل والشعب الفلسطيني الأعزل بأنهما خالف القانون الدولي الإنساني، الا أن مجمل الخطاب من الاتحاد الأوروبي كان ينظر إلى الضحية ويتعاطى معها بمقدار ما يستطيع أن يهرب من المساحة الشمولية للأنحياز الكامل.
ولكن أين نقف من هذا جميعا وإلى أين كيف ننجح سياسيا وإعلاميا وعلى مستوى المجتمع الدولي.
تعليقات