ما يثير استغرابي في الوطن أننا بتنا بحاجة لمتابعة كل صغيرة وكبيرة بصورة تستهلك من وقتنا وجهدنا، وكأن هناك اناس على أرض الوطن لا شأن لهم يغنيهم الا تعكير صفو حياتنا اليومية، منذ شهر تقريبا باشرت وزارة الأشغال العامة والإسكان ضمن مشروع اعرف وطنك الذي يتم بالتعاون مع المجلس الأعلى للمرور ووزارة النقل والمواصلات بتركيب أشارات ارشادية تعرف باسماء المدن والقرى والمسافات المتبقية لوصول تلك القرية وتلك المدينة، البداية كانت في محافظة رام الله والبيرة بالمباشرة بتركيب ما يقارب من 450 أشارة إرشادية، المواطن / ة المنتمي الذي يشعر بالفرح لي أنجاز على الأرض كان ايجابيا وقدر الأمر حق قدره.
المفاجأة في الموضوع ( ورغم العوائق من قبل الاحتلال) أننا بتنا نتعاطى مع فئة سلبية تكره اي انجاز هي فئة الذين يعتدون على هذه الاشارات بالسرقة او التخريب ليس لسبب بعينه بل لممارسة عادة سيئة باتت نتاج طبيعي للحالة العامة وعنوانها عدم لعب الأطر الدور المركزي لمسؤولياتها سواء الأسرة أو المؤسسة التربوية أو المكتبات العامة أو الاندية الشبابية، وبات الكتاب والقراءة والنقاش العائلي للقضايا المفصلية ورسالة التربية في داخل حرم المدرسة بعيدة عن واقع الحياة المعاش يوميا وهدفا لرفع مستوى الذوق العام في الحياة.
أشارات ارشادية ملك عام تتعرض للسرقة والتخريب بعد طول عناء من وضع المواصفات الفنية وتحضير وثائق العطاء وتحصيل أذن بادخالها إلى ارض الوطن هي والاعمدة الحديدة التي تثبت عليها، والثبات على موقف شمولها لجميع القرى والمدن في كافة المحافظات رغم العوائق التي توضع امام المشروع على قاعدة التقسيم الاحتلالي للأرض الفلسطينية (أ ب ج) وتحصيل التمويل للمشروع .
هل نحن حقا مطالبين بحملة توعية إعلانية وأعلامية وتلفزيونية ونقاشية من أجل حماية هذه الاشارات الارشادية؟
لماذا بتنا بحاجة للتوعية في مثل تلك الأمور؟
في الوقت الذي كان فيه جيلنا ونحن في أعمار من يقومون بهذه الأعمال التدميرية اليوم نتنقل من قرية إلى مخيم إلى مدينة إلى حديقة عامة في مدينة نابلس واخرى في طولكرم لزراعة أشجار وتخضير الطرق والساحات، ونستبسل في الحفاظ عليها ونفاخر أننا نقف خلف هذا المشروع الحضاري في السبعينات، كنت اتوجه إلى مدير مدرستي رحمه الله طالبا الأذن بالمغادرة قبل الحصة الأخيرة من دوام يوم الخميس المقلص متوجها إلى جنين مع مجموعة من ابناء جيلي في الصف التاسع الأساسي (الثالث الاعدادي في ذلك الوقت) للقاء رئيس البلدية آن ذاك للطلب منه افتتاح مكتبة للأطفال في مكتبة البلدية العامة وخضنا نقاشا طويلا وقدمنا انفسنا كنموذج من انتاج مكتبة الاطفال في مكتبة بلدية البيرة العامة، كنا في تلك الفترة نواة للأعمار والنهضة ولم يخطر على بالنا لحظة أن نكون ايدي تقطع شجرة أو تخرب أشارة مرورية.
المؤسف أن تلك السلبية لا تتوقف عند هذا الحد في التعاطي مع الشارات الارشادية والمرورية والأشارات الضوئية والأشجار ووسائل النقل العام بل تصل إلى ما هو ابعد من ذلك حيث تسيطر السلبية في التعاطي مع مسائل مثل تشجيع المنتجات الفلسطينية ومنحها الأفضلية بحيث يصبح موضوعا للتندر وأدراج قائمة طويلة من عدم الجدوى، وتصل الأمور درجة التشكيك بجدوى العمل الاجتماعي والثقافي والشبابي.
قبل أيام قرأت خبرا حول (مشروع فلسطين خضراء) وقبل ذلك بكثير قرأت عن مبادرات للقطاع الخاص الفلسطيني عبر عديد شركاته بتشجير مدن وتخضير ميادين في وسط مدن، ولكننا اليوم نبحث بالمندل عن أثر لتلك الاشجار التي فاخر القطاع الخاص الفلسطيني مشكورا ومأجورا على ما قام به.
في ذكرى رحيل القائد الرمز ياسر عرفات الخامسة كانت المقاطع للقطات التلفزيونية تجد أن القائد الراحل كان دائما يزرع شجرة أو يزيح الستار عن مشروع جزء مهم منه يتعلق بالأرض والبيئة والتخضير، ولا ذلت أذكر قرار القائد الراحل في العام 1997 بتجميل مدينة غزة وإعادة طلاء المحلات التجارية بلون موحد كان اللون على ما أذكر آن ذاك الابيض والأزرق. ترى ما الذي حل بمشاريع التخضير في الوطن ولماذا لا نرعى شجرة قد نستظل بظلها يوما ونحن على عكازة ومتقاعدين.
المطلوب بالمجمل:
إعادة تقييم للعملية التربوية التعليمية في فلسطين وتفعيل دورها في إادة تشكيل وعي وانتماء الجيل الناشئ بصورة ترتبط بأولويات وتصورات وفلسفة خطة التنمية الفلسطينية.
أن تلعب الأطر دورا فاعلا في التوجيه وتنمية الذوق العام وتقديم العام على الخاص.
salahhanieh@maktoob.com
aya2abd.blogspot.com
تعليقات