لو أن الصين كانت قد فرّقت مظاهرة في التبت، لربما انطلقت صفارات الانذار في جميع الدوائر الحكومية الغربية، وهرع الاتحاد الأوروبي إلى اجتماع عاجل وتأجل حفل تنصيب أوباما رئيسا للولايات المتحدة الأميركية! إلا أن المسألة ليست بذات البعد ولا بذات الأبعاد. أما الآن وقد أنهت إسرائيل حملتها التأديبية والتهذيبية في قطاع غزة، ولو مؤقتا، بافتتاح عيادة في المعبر المغلق منذ سنوات، فقد عاد السيف إلى غمده..... حمساويا أعلن باختصار شديد (انتصرنا) اخلاقيا وإنسانيا .... عسكريا 48 شهيد .... قمم شتى وقبعة المحسنين الأوروبيين والعرب امتلأت حوالات- لا نعرف بعد إذا ما كانت مغطاه أم لا، ليس لإزالة آثار العدوان، ولكن لتنظيف مسرح الجريمة! وكأن الجميع قد احترف التمثيل، فليس هناك من حديث سوى عن التمثيل والتماثيل بعد أن شرعوا لأنفسهم الحديث عن التمثيل الفلسطيني ومن ولمن وليأتي فلان وشعبيا هدأت الهبة الجماهيرية.
عمليا، إسرائيل استثمرت سياسيا فقد بكت وقدت الثوب على ملف الأمن المفقود من خلال الانفاق التي خيل للعالم أجمع أنه بالأمكان تهريب باراجات حربية من خلالها، والحدود والصواريخ، والتحكم في المعابر، بموافقة دولية وما فتأت دول الاتحاد الأوروربي تؤكد لهم أننا سنعالج الموضوع، وجاءت الاتفاقية الأمنية الأميركية – الإسرائيلية وكانه كان هناك من لزوم لها سوى تبرير ما حصل. أما ميدانيا، فقد أعادت انتشار قواتها مدعية أنه انسحاب، عبارة لم تكف الصحون العربية الطائرة عن ترديدها. ، ميدانيا أيضا قالت أن إعمار غزة يجب أن لا يكون حكرا على أحد. ربما أرادت أن تحول غزة إلى قفص زجاجيّ يعمل على الهوية الممغنطة!
المؤسف أننا فلسطينيا الضحية والأكثر تضررا في عدد الشهداء والجرحى والمعاقين والمشوهين والدمار في البنى التحتية والمنازل والمدارس والجامعات وأضرار غير منظورة للقطاع الصناعي والتجاري والمقاولات والعمالة، سياسيا بتنا أسرى لحرب إعلامية وحصار إعلامي فرض علينا؛ فقد انحازت الصحافة العالمية بالمطلق مع الرواية الإسرائيلية وهذا نتاج دراسات أعدت ونسبة تغطية قيست من مؤسسات رقابة إعلامية وجرى مقارنة بين التغطية ونسبة تقديم كل رواية. عربيا حوصرنا إعلاميا وتركنا لمزاجية هذا المحلل وذاك المفكر وآخر صاحب الرؤية، ولم يفتح المجال لتقديم الرواية الفلسطينية النابعة من المعاناة والألم، فبات هناك برلمانيون لم يكونوا أسودا في قضايا من صميم اختصاصهم باتوا اليوم أسودا علينا، بات هناك بروزات جديدة لشخصيات قديمة.
ودعوني أقول أن صرخة العديد على المستوى الفلسطيني التي نبهت لمسألة (أسرلة القدس) وحصارها وعزلها التي لم تعالج ولم يتم الحديث عنها، ولم يتم الحديث عن 600 حاجز في الضفة الغربية تفصلها وتعزلها إلى معازل على غرار تلك التي اختفت حتى من جنوب إفريقيا، لم يتم التعرض للمعبر الآمن بين غزة والضفة، نجحت الرواية الإسرائيلية في التصوير أن المعركة في غزة وعلى حماس وليس ضد الشعب الفلسطيني. فبتنا نتقمص تلك الرواية ونرفض رواية أن المعركة في غزة معركة ضد الكل الفلسطيني الوطني وقضيته وهويته التي باتت (لبانا) في فم هذا المتشدق عبر تلك الفضائية وتلك دون فطنة أو كياسة لحسابات تنظيمية مطلقة.
دعوني أكون اكثر تخصيصا فيما يتعلق بجانب مهم في البعد السياسي على مستوى العدوان على غزة وهو موضوع الشعارات والهتافات التي كانت تطلق في المسيرات واللقاءات. واضح أن الشعار هو تعبير مكثف عن فكرة واضحة يحمل مضمونا وبعدا. المؤسف أننا كنا أسرى لهتافات لا نفهمها بتاتتا بعيدة عن أرض المعركة بعيدة عن روح التضامن، وكان القادة يحملون على الاكتاف ويهتفون حولهم بما هو ليس مفهوما، فلم تستطع فضائية ان تبث هتافا من مسيرات التضامن خلال العدوان، ولكنها ذاتها استطاعت ذلك في حين اطلقت مسيرات التضامن في كثير من دول العالم شعارات خلاقة يمكن تحويلها إلى ملصق.
جزيرة قطر عادت، والعود أحمد، اليوم صوب المحاكم الشرعية في الصومال، والعربية عادت صوب انتخابات المحافظات في العراق، واسواق المال والأسهم عادت إلى الصدارة على مدار الساعة، وغدا ستعود الفضائيات الأخرى إلى برامجها المعتادة، ونعود نحن إلى حيث لا مكان، إلى حيث لا بيت ولا مدرسة، سنعود لنقول (طريق البيت ليس أجمل من البيت) الشاعر محمود درويش، سنعود لنبحث في أرشيفنا ونقول لقد قلنا، لكن الناس كانت تريد من يقول لها إلى أين؟ وبالتأكيد لم تكن تبحث عن جوابا مفاده إلى حيث ألقت رحالها أم قشعم!!!!!!
الشعب الفلسطيني برمته اليوم ما بعد غزة سيظل مشاهدا غير مؤثر على صناعة القرار السياسي الفلسطيني، وهذا واضح فالدم الفلسطيني لم يردع الحمساوين والحكومة المقالة عن أسلوب العنتريات والخطابات الرنانة. في المقابل فان التأثير على صناعة القرار وماذا بعد غزة لم تعد ممكنة ولم تكن ممكنة ضمن أطر منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح، وبالتالي فقد استطاع الدم الفلسطيني وأعداد الشهداء من المواطنين أن يفرض وقفا للعدوان وتعاطفا دوليا وفرضا لرواية الفلسطينية. أما كل العنتريات والادعاء بالطهارة والاستعداد والمقدرة لم تنتج الا استمرارا للوضع الراهن.
الخطوة الأولى في استخلاص العبر على المستوى الوطني طي صفحة الماضي الأليم وعودة الكل الوطني إلى صيغة وطنية جامعة قابلة للتعاطي مع مهام المرحلة. ودعونا نخرج من شكليات المسميات والعناوين إلى الالتحام الحقيقي من أجل حماية مشروعنا الوطني وبلسمة جراح أهلنا في غزة، بعد أن بتنا مطالبين اليوم بقلع شوكنا بأيدينا. ولن استخدم هنا مصطلح المشروع الوطني للتكرار الممل الذي سمعناه على مدار عام ونصف من المحللين والخطباء والدراويش، ولكنني حقا أرى أن الخطر قائم على الكل الفلسطيني مع رؤية الشهداء والجرحى والمعاقين والمشوهين، تلك المشاهد التي علمتنا أنه لم تكن هناك نكبة واحدة، بل نكبات، مهما حاولنا تلطيف المسمى النكبوي من خلال التورية.
هذه الوحدة يجب أن تتحول إلى مطلب شعبي ملح وذات أولوية وأن يتشكل لها لوبي ضاغط فاعل على أن يخرج من دائرة المؤتمرات الصحفية والبيانات والعرائض التي تصنع اصطفافا جديدا، وخروجا عن نمط الأعلان عن تشكيلات جديدة اثبتت الساحة أن التعددية الفكرية والسياسية متوفرة بكامل تشكيلاتها، الا أذا كان المطلوب تشكيل ليبرالي جديد يتقمص شعارات هذا الطرف تارة وذاك طورا ويطرح نفسه وسيطا نزيها من ذوي القبعات الزرقاء.
الخطوات الموازية يجب أن تكون نحو إعادة الاعتبار لمواجهة أسرلة القدس والحصار والعزل وجدار الفصل والعزل والاستيطان، هذه برامج تحتاج للوحدة واستنهاض القدرات وحشدها.
الخطوة القادمة يجب أن تبتعد عن صيغة اللقاءات والطاولات المستديرة والعصف الذهني، الرأي العام الفلسطيني متعطش اليوم أن يرى فعلا وأن يرى طحنا، الشعب الفلسطيني لم ينفض عبثا من حول الوسائل التقليدية لأنه يريد أن يكون مؤثرا لدى صناع القرار وأن يكون صوته مسموعا، لا أن يكون فقط صوت القائد والحزب السياسي مسموعا لديه بل يجب أن يكون صوته مؤثرا ومسموعا.
باختصار نحن بحاجة إلى أكثر من استخلاص العبر لأن حجم واثار ما وقع بحاجة إلى بروسترويكا فلسطينية أن صح التعبير. ولكن بروسترويكا تجمع ولا تفرق، تلم أشلاء هذا الوطن ولا تنسى أشلاء أطفاله.
عمليا، إسرائيل استثمرت سياسيا فقد بكت وقدت الثوب على ملف الأمن المفقود من خلال الانفاق التي خيل للعالم أجمع أنه بالأمكان تهريب باراجات حربية من خلالها، والحدود والصواريخ، والتحكم في المعابر، بموافقة دولية وما فتأت دول الاتحاد الأوروربي تؤكد لهم أننا سنعالج الموضوع، وجاءت الاتفاقية الأمنية الأميركية – الإسرائيلية وكانه كان هناك من لزوم لها سوى تبرير ما حصل. أما ميدانيا، فقد أعادت انتشار قواتها مدعية أنه انسحاب، عبارة لم تكف الصحون العربية الطائرة عن ترديدها. ، ميدانيا أيضا قالت أن إعمار غزة يجب أن لا يكون حكرا على أحد. ربما أرادت أن تحول غزة إلى قفص زجاجيّ يعمل على الهوية الممغنطة!
المؤسف أننا فلسطينيا الضحية والأكثر تضررا في عدد الشهداء والجرحى والمعاقين والمشوهين والدمار في البنى التحتية والمنازل والمدارس والجامعات وأضرار غير منظورة للقطاع الصناعي والتجاري والمقاولات والعمالة، سياسيا بتنا أسرى لحرب إعلامية وحصار إعلامي فرض علينا؛ فقد انحازت الصحافة العالمية بالمطلق مع الرواية الإسرائيلية وهذا نتاج دراسات أعدت ونسبة تغطية قيست من مؤسسات رقابة إعلامية وجرى مقارنة بين التغطية ونسبة تقديم كل رواية. عربيا حوصرنا إعلاميا وتركنا لمزاجية هذا المحلل وذاك المفكر وآخر صاحب الرؤية، ولم يفتح المجال لتقديم الرواية الفلسطينية النابعة من المعاناة والألم، فبات هناك برلمانيون لم يكونوا أسودا في قضايا من صميم اختصاصهم باتوا اليوم أسودا علينا، بات هناك بروزات جديدة لشخصيات قديمة.
ودعوني أقول أن صرخة العديد على المستوى الفلسطيني التي نبهت لمسألة (أسرلة القدس) وحصارها وعزلها التي لم تعالج ولم يتم الحديث عنها، ولم يتم الحديث عن 600 حاجز في الضفة الغربية تفصلها وتعزلها إلى معازل على غرار تلك التي اختفت حتى من جنوب إفريقيا، لم يتم التعرض للمعبر الآمن بين غزة والضفة، نجحت الرواية الإسرائيلية في التصوير أن المعركة في غزة وعلى حماس وليس ضد الشعب الفلسطيني. فبتنا نتقمص تلك الرواية ونرفض رواية أن المعركة في غزة معركة ضد الكل الفلسطيني الوطني وقضيته وهويته التي باتت (لبانا) في فم هذا المتشدق عبر تلك الفضائية وتلك دون فطنة أو كياسة لحسابات تنظيمية مطلقة.
دعوني أكون اكثر تخصيصا فيما يتعلق بجانب مهم في البعد السياسي على مستوى العدوان على غزة وهو موضوع الشعارات والهتافات التي كانت تطلق في المسيرات واللقاءات. واضح أن الشعار هو تعبير مكثف عن فكرة واضحة يحمل مضمونا وبعدا. المؤسف أننا كنا أسرى لهتافات لا نفهمها بتاتتا بعيدة عن أرض المعركة بعيدة عن روح التضامن، وكان القادة يحملون على الاكتاف ويهتفون حولهم بما هو ليس مفهوما، فلم تستطع فضائية ان تبث هتافا من مسيرات التضامن خلال العدوان، ولكنها ذاتها استطاعت ذلك في حين اطلقت مسيرات التضامن في كثير من دول العالم شعارات خلاقة يمكن تحويلها إلى ملصق.
جزيرة قطر عادت، والعود أحمد، اليوم صوب المحاكم الشرعية في الصومال، والعربية عادت صوب انتخابات المحافظات في العراق، واسواق المال والأسهم عادت إلى الصدارة على مدار الساعة، وغدا ستعود الفضائيات الأخرى إلى برامجها المعتادة، ونعود نحن إلى حيث لا مكان، إلى حيث لا بيت ولا مدرسة، سنعود لنقول (طريق البيت ليس أجمل من البيت) الشاعر محمود درويش، سنعود لنبحث في أرشيفنا ونقول لقد قلنا، لكن الناس كانت تريد من يقول لها إلى أين؟ وبالتأكيد لم تكن تبحث عن جوابا مفاده إلى حيث ألقت رحالها أم قشعم!!!!!!
الشعب الفلسطيني برمته اليوم ما بعد غزة سيظل مشاهدا غير مؤثر على صناعة القرار السياسي الفلسطيني، وهذا واضح فالدم الفلسطيني لم يردع الحمساوين والحكومة المقالة عن أسلوب العنتريات والخطابات الرنانة. في المقابل فان التأثير على صناعة القرار وماذا بعد غزة لم تعد ممكنة ولم تكن ممكنة ضمن أطر منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح، وبالتالي فقد استطاع الدم الفلسطيني وأعداد الشهداء من المواطنين أن يفرض وقفا للعدوان وتعاطفا دوليا وفرضا لرواية الفلسطينية. أما كل العنتريات والادعاء بالطهارة والاستعداد والمقدرة لم تنتج الا استمرارا للوضع الراهن.
الخطوة الأولى في استخلاص العبر على المستوى الوطني طي صفحة الماضي الأليم وعودة الكل الوطني إلى صيغة وطنية جامعة قابلة للتعاطي مع مهام المرحلة. ودعونا نخرج من شكليات المسميات والعناوين إلى الالتحام الحقيقي من أجل حماية مشروعنا الوطني وبلسمة جراح أهلنا في غزة، بعد أن بتنا مطالبين اليوم بقلع شوكنا بأيدينا. ولن استخدم هنا مصطلح المشروع الوطني للتكرار الممل الذي سمعناه على مدار عام ونصف من المحللين والخطباء والدراويش، ولكنني حقا أرى أن الخطر قائم على الكل الفلسطيني مع رؤية الشهداء والجرحى والمعاقين والمشوهين، تلك المشاهد التي علمتنا أنه لم تكن هناك نكبة واحدة، بل نكبات، مهما حاولنا تلطيف المسمى النكبوي من خلال التورية.
هذه الوحدة يجب أن تتحول إلى مطلب شعبي ملح وذات أولوية وأن يتشكل لها لوبي ضاغط فاعل على أن يخرج من دائرة المؤتمرات الصحفية والبيانات والعرائض التي تصنع اصطفافا جديدا، وخروجا عن نمط الأعلان عن تشكيلات جديدة اثبتت الساحة أن التعددية الفكرية والسياسية متوفرة بكامل تشكيلاتها، الا أذا كان المطلوب تشكيل ليبرالي جديد يتقمص شعارات هذا الطرف تارة وذاك طورا ويطرح نفسه وسيطا نزيها من ذوي القبعات الزرقاء.
الخطوات الموازية يجب أن تكون نحو إعادة الاعتبار لمواجهة أسرلة القدس والحصار والعزل وجدار الفصل والعزل والاستيطان، هذه برامج تحتاج للوحدة واستنهاض القدرات وحشدها.
الخطوة القادمة يجب أن تبتعد عن صيغة اللقاءات والطاولات المستديرة والعصف الذهني، الرأي العام الفلسطيني متعطش اليوم أن يرى فعلا وأن يرى طحنا، الشعب الفلسطيني لم ينفض عبثا من حول الوسائل التقليدية لأنه يريد أن يكون مؤثرا لدى صناع القرار وأن يكون صوته مسموعا، لا أن يكون فقط صوت القائد والحزب السياسي مسموعا لديه بل يجب أن يكون صوته مؤثرا ومسموعا.
باختصار نحن بحاجة إلى أكثر من استخلاص العبر لأن حجم واثار ما وقع بحاجة إلى بروسترويكا فلسطينية أن صح التعبير. ولكن بروسترويكا تجمع ولا تفرق، تلم أشلاء هذا الوطن ولا تنسى أشلاء أطفاله.
تعليقات