حملت عتادي وتوجهت إلى مدينة اريحا للمشاركة في ورشة عمل ضمن برنامج تعزيز قدرات مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية (مراكز التمييز)، وكالعادة بسبق مثل هذه الورشات كثير من الحديث حول التوقعات والبعد الزمني والبعد المالي، في طريق السفر إلى اريحا خفضت سقف التوقعات كثيرا وقلت ورشة مثل بقية الورشات، وقلنا الفرصة الوحيدة المتاحة أن تلتقي اشخاصا لم تلتقي بهم منذ فترة طويلة مثل حسن علوي واكرم العواودة ونضال عمرو وباسل الرمحي وارنان بشير....
لحظة الوصول زج بنا فورا في قاعة الاجتماعات الرئيسية وبدأ الميسر يحدثنا عن مراكز التمييز وثقافة التمييز وفرق التمييز ومكاسب التمييز، ونحن مثل الذي قال فيه الشاعر (القاه في اليم مكتوفا وقال له / إياك إياك أن تبتل بالماء)، صباح اليوم التالي بدأت بعض المقبلات تتحدث عن مراكز التمييز مع قليل من الرسومات التوضيحية، مع تمرين إجرائي حول ما الذي تفهمه من مراكز التمييز، ما هي التحديات، وما هي آليات التغيير، ونحن دائما ابطال ورواد في التشخيص نحدد التحديات ببراعة وتمام التمام وبعد ذلك يتخندق كل منا في خندق وزارته أو مؤسسته الحكومية ليعلن انها انجزت التمييز منذ زمن ولديها من العبقرية بما فيه الكفاية، ويكون النقد الرئيسي لوزارة المالية التي يوجد فيها من الإجراءات الورقية الكثيرة الأمر الذي يتطلب ميزانية خاصة للتمييز ومراكزه، رواد وزارة المالية في الورشة قالوا ضعوها جزء من ميزانية الوزارة وضحكوا طويلا بشكل يوحي أن الكرة في ملعبنا ولكن وراء الأكمة ما وراءها.
ما هي الا ساعة ونصف وجاءت لحظة دخول دولة رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض قاعة الورشة واعتلى المنصة بعد أن صافح ما تيسر له مصافحته منا، فأعلن التزاما قاطعا مانعا قويا (جادون في أحداث التغيير داخل المؤسسات الحكومية) واردف موضحا ثقافة التمييز والتغير من الداخل والتركيز على خدمة المواطن وخدمات أفضل للمواطن، فبهت من اعترض على التمييز سواء بالبعد الزمني وحساب ساعات العمل اليومي والحاجة للعمل ضمن فريق التمييز في الوزارة، والميزانيات، فجاء الالتزام والرد من رأس الحكومة، وتلاه التزاما من رأس الوزارات المشاركة، فلم يبقى الا أن ينفذ المهنيين في كل وزارة بعيدا عن التعلق بشكليات البعد الزمني والمالي. اسمحوا لي أن أقول قطع فياض قول كل خطيب.
وتلا ذلك ربطنا عبر الفيديو كونفرنس مع الأشقاء في الأردن للأطلاع على تجربة مراكز التمييز وجائزة الملك عبد الله الثاني للتمييز على المستوى الحكومي والقطاع الخاص والمجتمع المدني، كان الحديث ينم عن تجربة حية تتطابق فيها الثقافة بين الاردن وفلسطين وكان هناك انجازا من لدن ذات الثقافة، كان لديهم مقاومة للتغيير، عدم جدية في البداية في التعاطي مع المسألة، لكن في النهاية بات هناك وزرارات وهيئات حكومية متميزة وفيها ثقافة تميز ولغة تمييز، امانة عمان الكبرى كانت نموذج من النماذج ب 23 الف موظف ضمن 27 وحدة إدارية استطاعت أن تخط خطوات في التمييز وأن تحصد جائزة التمييز ليس من المرة الأولى واستطاعت أن تبني فريق التمييز وأن يتواصل ليل نهار، وزارة النقل الاردنية نموذج أخر وسياسة الباب المفتوح من الوزير لفريق التمييز، ووحدة الاستثمار التمويلي في صندوق الضمان الاجتماعي، سئلنا واستفسرنا وتنورنا.
في اليوم الثاني من الورشة بتنا نحس أننا على السكة نعرف عماذا نتحدث لأننا من ذوي الطباع التي ترغب بمعرفة كل شيء في البداية ونطير صوب وزارتنا لنحدث مسؤولينا عن الموضوع، المهم في الموضوع أن مراكز التمييز عمل متواصل يحتاج إلى تهيئة وعمل بروح الفريق وخروج من الروتين والرؤية الإدارية التي تتعلق بضبط ساعة الدوام وتحويل موظف الخدمة المدنية إلى ملف يتنقل دون أن يحدث أي تطور بخصوصه، اليوم ستكون مراكز التمييز تجربة غنية تنجز ضمن فريق عمل يعتبر نفسه جزءا من التغيير والتمييز وتفوق وزارته في معايير التمييز وتغير مهم في السلوك الإداري، قد يقاوم بداية ولكنه سينجح في النهاية لالتزام دولة رئيس الوزراء والوزراء في الوزارات المشاركة، والوزرات المعنية بالتمييز ومراكزه يجب أن تشحذ هممها تناغما مع التزام دولة رئيس الوزراء والوزراء.
أما الميسيرون للمشروع فلهم الشكر ولكن لا نطلب منهم أن يظلوا يذكرونا بأنهم فقط فرق تدخل سريع عند الطلب ولسنا بدلاء عنكم ولسنا أعلم منكم، هذا التذكير المستمر في الورشة وفي اللقاءات مع كل وزارة يجعلنا نظن الظنون أنهم يقصدون عكس ما يقولون، لسنا أطفالا في يومنا الأول في الروضة نريد تطيمنات أن الروضة بيتنا الثاني بل نريد أن نرى أن الروضة فعلا مكان مريح لنا، نقدر عاليا جهد الميسرين والصداقات التي تكونت بيننا وبينهم وحسن اداءهم ولكن الدواء عندما تأخذ منه جراعات زيادة يصبح مضرا.
الجو العام في الورشة كان عكس توقعاتنا نتاج الصورة النمطية التي تكونت لدينا حول الورشات والاجتماعات واللقاءات المفتوحة، لآنها جعلتنا جزءا أصيلا منها وشعرنا أن فكرة التمييز نحن أصحابها وهدفها وآليتها للتغيير والتمييز، مهم الحديث عن التغيير من الداخل لأن أي تغيير خارجي لن يكون مجديا ابدا.
حديث القلب للقلب مع طاقم الاشراف على الورشة جميعهم ايمي اياد جهاد طارق سونيا ناديا طروب زياد سوزان اليكس صفوان كنتم خير السند في هذه الاجواء التدريبية الجميلة، أطلالتنا على التجربة الاردنية وبعض من التجربة الاماراتية مهمة جدا رغم انها عن بعد.
ختاما اتمنى أن تطال عدوى مراكز التميز حركة فتح وهي على بعد ثلاثة أيام عن المؤتمر الحركي العام السادس دعونا ننقل لكم ونحن من الكادر الاقل تأثيرا عدوى التمميز وعدوى التغيير من الداخل .....
تعليقات