بفرح طفولي غامر يرافقه شعور بنشوة الفوز استقبلت نبأ قرار مجلس الوزراء الفلسطيني بمقاطعة منتجات المستوطنات والذي جاء شاملا متكاملا بهذا الخصوص، ورغم أنه تجديد لقرار سابق الا أنه جاء في توقيت ولحظة مهمة يعيشها الشعب الفلسطيني بكافة مكوناته.
مصدر فرحي كان أيضا لأن الصديق القديم (ابو حسام) كان مفعلا ومحفزا لكي يتابع هذا الملف بمصداقية عالية.
أن كنت سأتهم أنني مبالغ أو موهوم فالأمر بالنسبة لي ليس تهمة تلصق بي وكفى ولكنني للمرة الأولى أرى أن الكتابة في الوطن أمر مهم يلفت النظر لقضايا عامة يحرك بعض القضايا المهمة، وظلت منتجات المستوطنات غير الشرعية هاجسا متبنا حولها وعقدنا ورشات العمل إلى أن جاء الوقت الذي تشرع فيه عملية مقاطعتها ودحرها من السوق الفلسطيني.
المستوطنات تتناقض مع القانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف الرابعة
المستوطنات تحجب أمكانيات التنمية
المستوطنات تحرم من صودرت أراضيهم وأقيم عليها مستوطنات من الانتفاع بها
المستوطنات تحارب البيئة وتقضي على مكونات الطبيعة وتلوث وتسمم
على قارعة الطريق في المقهى الشعبي تبادلنا أطراف الحديث ضمن جمع جمعتنا جلسة أرجيلة، ولمن لا يعرف جغرافيا المقاهي الشعبية فهي ليست مثل الفنادق والمطاعم خمسة نجوم، هنا أنت تجلس وقد يجلس على يمينك شخص لم تلتقيه في حياتك كلها وعلى يسارك شخص أخر بذات الصفات، ويندفع الحديث ويكون الهم الوطني العام موحدا، يبدأ الحديث بالتعبير عن الألم من حالة الانقسام المزمنة، وأمكانيات الوحدة، ومن ثم قفز طويلة باتجاه السياسة الدولية ومن ثم ايران ومن ثم الولايات المتحدة الأميركية فخطاب الرئيس الأميركي في القاهرة، ودون سابق أنذار نعود إلى أرض الوطن إلى الباذان والفارعة ومرج نعجة وطولكرم ونابلس والخليل وبيت أمر ورفخ وخانيونس.
تندفع الأفكار بقوة وتكون هناك محاور للنقاش .....
البلديات والخدمات والشفافية والنزاهة ....
خريجي الجامعات ولخطات الفرح الغامر ومن ثم كيف تسرق الفرحة عندما ينضمون معظمهم لسوق البطالة ....
المرآة الجلباب الحجاب ملون مزركش .....
سباق الرالي على الطريق وسط مختلف المدن سيارة كشف تفتح زمورها على يمينها سيارة وعلى يسارها سيارة يخرج الشباب اجسادهم من الشبابيك ليصافحوا بعضهم بعضا من خلال الموكب للسيارات الثلاثة .....
أخبار حوادث الطرق على الطرق الرابطة بين المدن وفي داخل المدن ....
أخبار الحواجز وتوقعات بسقف مرتفع .....
الديمقراطية وحرية الرأي والتفكير ....
وحتما وهذا فاتحة الحديث نوعية التمباك والفحم والخدمة ودرجة شطارة عامل توزيع النار على الاراجيل .....
دخل فقير العقل إلى المقهى حيث نحن وكان يرتدي قميصا أبيض ويضع الجراب فوق رجل البنطلون ويعبر عن فرحته بلبسته الجميع القى التحية بصورة تعبر عن أنه معروف لديهم، أحدهم مازحه فقام فقير العقل بتغريمه مالا بسبب هذا المزاح.
قلت: لو تعاملت البلديات مع الذين يعتدون على الطريق العام بوضع مطبات عشوائية غير مطلية لتظهر بذات الأسلوب الذي تعامل فيه فقير العقل مع العاقل لما امتلاءت طرقاتنا بالمطبات.
دخل غني العقل محترف فلسفة الأمور عرف نفسه عرفه من عرفه من الجمع مفتتح باب النقاش بأدانة شاملة وكاملة للمؤسسات التعليمية ليس من باب نوعية المنهاج أو أساليب التدريس أو التقييم والتقويم بل من باب أن فلان طويل وفلان قصير وفلان صفته كذا وعلان نعته كذا، في النهاية اكتشفنا انه يتحدث عن تجربة ولكن التفاصيل وصلته منقوصة عن المشكلة وحجمها وكيف تعاملت معها الجامعة المعنية، الرجل ظل مصر عنزة ولو طارت.
المؤسف أن الجمع اقترحوا عليه طرق الباب لكي يسمع الجواب وعدم الاعتماد على القيل والقال لكنه بقي على اصراره.
وظل على جانب الطاولة أحدهم عابسا متجهما وبعد طول نقاش واستفسار عن الحال والأحوال خصوصا أن الملف الدولي قد أنجز وحالة الانقسام والوحدة قد طويت صفحتها في النقاش بات عبوس هذا الرجل محور النقاش رغم أن من يعرفوه جيدا هم اثنان من مجموعة كبيرة.
حكاية صاحبنا أنه يعمل في مصنع فلسطيني وهو يعمل على مدار الساعة يلحق صلاة الفجر ويعود بعد العشاء بساعتين، وكان الجميع يستغرب حضوره إلى المقهى ما بعد العشاء بدقائق، وفتح الرجل قلبه وتحدث عن الراتب الذي هو أقل من خط الفقر، وعن ساعات العمل ولا يجوز المطالية بزيادة أجر ولا علاوة غلاء معيشة، وفي النهاية تكون المكافأة توزيع مواد عينية من أجل البقاء ساعة زيادة على الساعات الأضافية التي يمضونها في المصنع.
تفلسفت (ويا ليتني بقيت صامتا) قلت طب منيح أن يكون هناك فترات عمل وانتاجية عالية أذن هذا دليل على جودة المنتج وزيادة الطلب، قرد علي أحدهم الذي لا أعرف أسمه وقال: يطعمك الحج والناس مروحة شو منتجات وثقة، قلت طبعا شوفوا كيف التبرعات للمشاريع من الشركات والمصانع و.....، فهب الرجل في أواسط الخمسينات عن كرسيه ووقف وسط القهوة وقال الأخ من هذه البلد والا جاي جمع شمل شو يا أبي شو ..... فقلت: الفرار الفرار شو هالوقعة السخنة.
واشتعل النقاش والقى من القى من يده اوراق الشدة وتابعوا باهتمام منهم من وافق ومنهم من اتفق ومنهم من زاد من قاموسه.
قضايا العمل والعمال ووحدة النقابات العمالية وتفعيل دورها وأصدار قانون النقابات العمالية قضايا ساخنة لدى العمال الذين لم نعد نسمع بقضاياهم لأن النقابات العمالية سياسة وبعضها بات اثرا بعد عين، فمتى يلقى ملف العمال الفلسطينين مكانته المطلوبة.
الشفافية عنصر مهم في محاربة الاشاعة والقيل والقال ... عمليا تطورت نظم المعلومات وأحدثت شبكة المعلومات تقدما مهولا وهذا يجب أن يترافق مع شفافية إدارية عالية تقود إلى وأد الشائعات في مهدها، لا اختلف أن هناك محترفين في اختلاق القصص والحكايا فمنهم من يقيل ويعين ويجلد ويحكم ويعفو في دقائق، ولكن ضمان تدفق المعلومات والحرص على تعميمها إلى المعنيين سيكون فعالا في وأد الاشاعات.
لم يعد هناك ما هو بعيد المنال وانت في مكانك تطوف العالم وتستطيع أن تحصل على المعلومات، وقد تصعب عليك المعلومة الموجودة حولك لتتحول في اليوم الثاني إلى اشاعة قد توصف أنها مغرضة أو مدسوسة، ولكن العتب على من حجب الحقيقة ومن لم يكن شفافا حتى يساهم في وأد الأشاعة في مهدها.
البطولة ليست مهارة وصف الاشاعة بأبشع الصفات والنعوت لكن البطولة أن تؤسس لنظم معلومات يؤهل لجعل الأشاعة غائبة وغير قائمة وأدواتها غير موجودة.
نشرة تلفزيون فلسطين الأخبارية في السادسة والتاسعة والثانية عشرة بحاجة لإعادة تقييم شامل خصوصا أن منافسة أخبارية عالية عبر الفضائيات ومواقع الشبكة العنكبوتية الاخبارية وهذا محفز لتلفزيون فلسطين، المكان (الاستديو) وقع فيه تقدم ملحوظ، لكن الضيوف المحللين في نشرة التاسعة يطيلوا كثيرا الأمر الذي يحول النشرة إلى ندوة ليست في وقتها.
وأحيانا يتم تقديم مقابلة طويلة جدا لشخصية عامة هي ليست مؤتمرا صحفيا ولا لقاءا جماهيريا ولا لقاءا تنظيميا ويصبح الحديث محور وأساس النشرة، بينما تقع أحداث محلية كثيرة ولا تتسع لها مساحة النشرة عندما تهرب إلى العالم الخارجي بسرعة.
تكرر النشرات الثلاثة ذات الأخبار تقريبا وكأننا في عصر ما قبل الفضائيات والشبكة العنكبوتية، وفيما تصر الحاجة (مريم) عندما تزورنا على ممارسة عادتها اليومية بمتابعة نشرة أخبار التاسعة في تلفزيون فلسطين فأنام وأفيق وأنت تدور في نفس الدائرة (صرح فلان ... وأضاف فلان ... وفيما رأى ذات فلان أن .... وأكد وشدد ذات الفلان) وشريط الأخبار قصة أخرى.
التطور الذي ثارت غباره حول التلفزيون وأشيع حوله ما أشيع نحن المتلقين نحن الفئات المستهدفة يجب أن نلمسه فورا دون تأخير، لا نطلب معجزات بعد انتهاء زمن المعجزات، ولكننا لسنا شعب معاق أو خال من الكفاءات والقدرات والابداعات، بالتالي نستطيع وبالأمكان أفضل مما كان، وكما هي الصحيفة اليومية تطور نفسها بشكل يومي ضمن نظام تقييمي متكامل بناء على رأي الجمهور يجب أن يفعل التلفزيون أكثر من ذلك بكثير كونه يبث على مدار الساعة يودخل كل بيت ليس مثل المطبوعات.
وأنا لست مستشرقا ولا غريب عن البلد دخلت استوديوهات تلفزيون فلسطين وشاهدت اثار الدمار وقصر ذات اليد، لكننا بصدد نقلة نوعية على مستوى المكان، وهذا لا يمنع من تسخير كافة الأمكانيات المتاحة اليوم للرقي بواقع نشرات الأخبار مؤقتا، ومن ثم ننطلق على صعيدد البرامج والندوات واللقاءات وفرص العمر وغيره.
salahhanieh@maktoob.com
aya2abd.blogspot.com
تعليقات