التخطي إلى المحتوى الرئيسي

لإجلك غزة، لإجلك يا قدس لإجلك يا وطن ..... بقلم: صلاح هنية

صدق اللي قال (خلي الميدان لحميدان )
أو كما تحب بعض نساء نابلس أن تقول (لا تبحث عن حميدان بين الصبيان )، أو في طبعة أخرى (الولد ولد ولو صار قاضي بلد)، فما بالك إذا بات الجميع ينصّبون أنفسهم مفكرين ومفككين وباحثين ومحللين ومخللين، وكأن القضية أضحت سلّ مخللات، بينما الباحث الحقيقي والمحلل بات في حيرة من أمره، خاصة وأن مسلسل تهافت التهافت على مسار التساقط وشرذمة الوعي والوطن قد أصبح من إنتاج محليّ؛ فإن كتب أو اجتهد، فهناك العشرات ممن يتصدون على قاعدة: كنا نريد كذا، وياحبذا لو فعلت كذا. يتصرفون كباحثين مستقلين ويتهامسون مع التاريخ، كما لو كان شريطا يمر من أمامهم، بلغة التشات تشات، متنقلين من موقع إلى آخر، حسبما تقضي المهام، التي اعتادوا إنجازها حسب نظرية حرب العصابات: أضرب واهرب!، يتركون ذلك الكم الهائل من الكتب الجديرة بالقراءة ويترصدون كتابا واحدا، مخلل لديهم منذ ستة أشهر، على الأقل، تارة يشرّحون كاتبه وطورا يمزقون فكرته، حسب نظرية التفكيك وإعادة التلصيق، تارة يقتنصون مراجعة علمية لكتاب، فيعترضون،لأن من لا يخالف لا يعرف! وكفى الله المؤمنين شر القتال.
وبين حانا ومانا ضاعت لحانا، وبين هذا وذاك وقعت منظمة التحرير الفلسطينية على المشرحة، فتدافعت الخناجر وليس العقول الراجحة؛ فمن حارب المنظمة على مدار السنوات بحجة العلمانية والالحاد، عاد يقول يجب إصلاحها ودخولنا ضمن أطرها ومن ثم عاد عن ذلك جميعه لإيجاد مرجعية جديدة وكأنه ليس لديه بعد كل ما بذل من جهد سوى أن يفسر الماء بعد الجهد بالماء!!! ويعود بنا لأجواء الستينات، من حيث بدأنا ومن ثم صعدنا، أو حتى هبطنا إلى ما نحن عليه الآن.
المحزن أن العقلية التي تحكم العمل السياسي الفلسطيني، تريد أن تبقى عقلية قاصرة حتى في مواجهة مفاصل تاريخية مهمة آخرها العدوان على غزة وفصل جغرافية الوطن، وبات الخطر محدقا والمصيبة واقعة لا محالة في ما يتعلق بمعالجة ملفات ذات معان كبيرة لدى شعبنا في موضوع القدس واللاجئين وحق العودة والاستيطان والمياه والحدود. بت أخجل حقا أن أذكّر أبناء جلدتي أن الوطن في خطر .... منظمة التحرير الفلسطينية الوطن المعنوي للشعب الفلسطيني في خطر .... القدس في خطر .... الأغوار في خطر .... حرية الرأي والتعبير في خطر ... التواصل الجغرافي في خطر .... المياه، الحدود، اللاجئون في خطر .... الاقتصاد الفلسطيني في خطر ... الرام وضاحية البريد في خطر ... الخليل ونابلس في خطر .....

ورغم ذلك لا زلنا نكتب بالخط العريض أن ( حماس تستطيع أن تنفذ تهديدها بخصوص المنظمة لأنها قوة لا يستهان بها وهي ليست كبقية الفصائل ولعبتها ضد المنظمة هذه المرة ليست كالسابق). لسنا هنا بمعرض استعراض قوة أي طرف وقدرته على تفكيك بنية منظمة التحرير الفلسطينية. ولو كان المنطق السياسي والإعلامي العصري يمنح في أسسه وتوجهاته مجالا لفرد العضلات والاستقواء بالاحجام، لبات علم السياسية ونظرياته ومبادئه ومفكريه حلبة مصارعة رومانية مستمرة على مر العصور، أو ربما شريعة غاب. صحيح أن السياسة هي (من يأخذ ماذا ومتى وكيف)، صحيح أن السياسة صراع على مصادر القوة، صحيح أن السياسة كل هذا مجتمعا، ولكن هناك العقد الاجتماعي، والقانون، وتداول السلطة، والأحزاب، والديمقراطية، والبرلمانات، كل هذه مدونة ومخطوطة ومعتمدة في الفكر السياسي والفلسفة السياسية.

لا بد أن نقف أمام نتاج تجربة واستخلاص عبرة من تجارب مرّة مرت بها الشعوب والمجتمعات ..... أقطاب حماس و أنصارها ومن مثّل رأيهم، ينطلقون من فرضية أن ما من مستقلين هناك معتبرين، من الناحية العملية، أن النخبة السياسية، أو لنقل النخبة الفلسطينية المثقفة تعيش في محيط مسيس بالكامل. فهم إما أبناء شرعيين، أو متبنين، أو غير شرعيين لهذا التنظيم أو ذاك.

ولا بد من التذكير أن إسرائيل أدارت الظهر لغزة على غير رجعة. ومن لا يريد أن يفهم ذلك، فما علينا سوى تذكيره بعبارة رابين المشهورة: "أتمنى أن أصحو ذات صباح وغزة كان قد ابتلعها البحر." فانسحبت من طرف واحد بلا اتفاق لتعود مؤدبة مرة، وضاغطة متوعدة مرة أخرى. ولكي تعيد نشر قواتها حول ساحة غزة متى شاءت أيضا. واليوم... نتصارع، مصارعة حرة أو رومانية، أو يبدو أن التاريخ سيطلق عليها لاحقا مصارعة فلسطينية، ليلحقها، وللأسف بكلمات مثلت نضال هذا الشعب ووجدت طريقها إلى لغات مختلفة من انتفاضة ونكبة... إلخ. فتارة نريد هدنة مع إسرائيل، وطورا نريد مال الأعمار، وإلا فلا إعمار. تارة نريد أن نشرف على كل شوال طحين يدخل غزة، وطورا نريد أن نمنح الهواء الذي يدخل غزة ويخرج منها بطاقة، دون أن ندري، وربما كنا ندري، أن كل ذلك مرتبط بالحاسوب المركزي الإسرائيلي!!!!، وفي ذات الوقت لا نريد أن نرى أن هناك أطرافا فلسطينية أخرى يجب أن نتحدث معها ونتفاهم معها من أجل الوطن ككل. لسنا بصدد الحديث عن الوحدة الوطنية، ولا وحدة جغرافيا الوطن.

أكاد أجزم أن العقل الفلسطيني كان قد اتخذ، ومنذ زمن، قرارا مستقلا بمنح نفسه إجازة حتى إشعار، أو إشعال آخر!!! وإلا لماذا امتهنا الغناء والرقص والردح على غزة؟ لماذا نبقي على هذا الوطن مستنقع مياه عكره تستبيحه صنارات الهواة... ولا نحول الوطن إلى ورشات عمل وبناء قاعدتها التفكير بتروي من أجل التوقف أمام استخلاص العبر مما جرى في غزة وفي ما بعد غزة والوطن ككل إلى أين. لنعلن مجددا أننا مع الدولة الفلسطينة وعاصمتها القدس ضمن حدود 1967. لنقل للعالم أجمع أننا سنقاوم الاستيطان والجدار وأسرلة القدس، أننا لن نبتاع ولن نتاجر الا بالمنتجات الفلسطينية، لن نبن بيوتنا ولا ورشنا ولا مصانعنا ولا مقار وزاراتنا ولا مقار أجهزتنا الأمنية الا من منتجات (صنع في فلسطين ).

أجزم أن الكتابة مسؤولية، وبالتالي يجب أن نتوقف أمام مسؤولياتنا وليس من الضروري أن نشعر أننا كمن يسير على حافة شفرة على أي اتجاه سيجرح، بل لنقل كلمتنا بصدق وأمانة وأن لا نجامل طرف ونقسو على طرف بحجة أننا نمون على هذا الطرف الذي ننتقده بقسوة ونوارب وونعت بأقصى الصفات. فقد خط القائد الخالد ياسر عرفات معايير ديمقراطية غابة البنادق وليس البناديق، وكم خاطب الشعب في لقاءات مفتوحة وقال لهم انتقدوني ولكن حافظوا على المسيرة من أي عابر طريق،

سأعود لأقول أن جميع ما نريده من ورشات العمل استنهاض منطمة التحرير. يجب أن يتم كل شيء من خلالها وعبرها وليس بالخروج عليها، لأن المنظمة بكافة مكوناتها تاريخيا لم ولن تسمح لأي إجراء يمسّ شرعيتها. وأن الرئيس ابو مازن عنوان الشرعية الفلسطينية غير خاضع لمزاجية هنا، وكوتة هناك، أو حسبة ضيقة، أو تآمر مع برلماني هنا أو هناك لم يسمع صوته ولا رأى فعله ناخبوه.

في النهاية بالأمكان أفضل مما كان .... فمقولة شعب يستحق الحياة ليست نظرية، أو أحلام يقظة، بل سجل حافل استقى منه شاعرنا الأبي عبارته التي أضحت تنطق باسم الإنسانية .... يجب أن نصر على أن هناك على هذه الأرض شعب يستحق الحياة .... ليس قولا ولكن فعلا وأرادة وأصرارا .... فلنقل جميعا وبصوت واحد، أن الوطن أكبر منا جميعا، أن غزة ودمارها أكبر منا جميعا، وأن القدس أقدس، وأن الشهداء والجرحى والمعاقين والأسرى أكرم منا جميعا .... لحظتها سنكون على بينة مما نختلف عليه، ويتحول الخلاف إلى اختلاف وإغناء لنا جميعا.....

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الصديق (هشام)والتنوع الايجابي بقلم صلاح هنية

20.08.11 - 22:27 الصديق ( هشام ) كان معنا هو وزوجته ( سمر)في الامسية الرمضانية الاقتصادية التي نظمتها جمعية حماية المستهلك الفلسطيني في محافظة رام الله والبيرة وفي ذات الوقت كان بقية افراد الاسرة منتشرين في المدينة ( رام الله ) بين نشاط ثقافي في المحكمة العثمانية، وأخر في قصر الثقافة، ومحمود وأحمد اثرا البقاء في البيت على قاعدة ( زاهي وهبة )، باختصار تلك هي الاسرة الفلسطينية النووية التي تسكن رام الله هكذا بالغالب توزع اهتماماته، بينما كان الصديق معنا بكل جوارحه حيث انحاز لأمسيتنا ولملف حماية المستهلك. في الجزء الأخر من المدينة كان الحال مختلفا هناك من يرغب بسهرة رمضانية ( فايعة) بين متابعة مباراة كرة قدم، أو لعبة مسابقات في مطعم ومتنزه في المدينة، أو متابعة مسلسل (الزعيم )على شاشة كبيرة تعويضا عن انتهاء (باب الحارة). شخصيا لن أطلب من اية جهة قضائية منع السهر في المدينة ولا حجب امكانيات برامج المسابقات التي تنظم في مطعا هنا أو هناك، ولن اطلب من أمانة سر المجلس الثوري لفتح أن تتدخل في الأمر سلبا أو ايجابا. شخصيا لن أطلب من أمام مسجد الحي أن يقول عنهم أي شيء لكني احثه أن يحافظ على زخ...

Organize better meetings by NOI

Dec 5, 2011 If you're spending too much time in meetings where little seems to get accomplished, try these four rules to make over your meeting habits: Always have an agenda. And when something comes up that isn't on the agenda, decide on the spot if it's truly important enough to displace another topic (usually it won't be, but sometimes it will be). If it's not, then say, "Let's put that on the agenda for another time" and move the conversation back to what you're there to discuss. Announce at the start what you'd like the take-aways to be. For instance, you might announce that at the beginning, "We have one hour to cover A, B, and C.At the end of this meeting, I'm hoping we'll have ___." Create actions and assign responsibility. At the end of the meeting, make sure the conversation has been translated into action items, and that each action item has a clear owner. Separate group meetings and 1-to-1 check-ins. Group meetings...

معهد السياسات العامة-IPP يصدر العدد السادس من "فصلية سياسات"

صدر حديثا عن "معهد السياسات العامة" برام الله، العدد السادس من فصلية "سياسات"، يقع في 160 صفحة ويتناول مجموعة من القضايا والمفاهيم المحلية والعربية، تندرج في دائرة تعميق فهم الحال الفلسطيني وما انتهى إليه بحثاً عن المخارج الممكنة. ففي العدد يكتب الباحث طلال أبور ركبة من مركز رام الله لدراسات حقوق الإنسان حول أزمة الديمقراطية العربية وتعثر المشروع الديمقراطي العربي بسبب عثرات داخلية تتعلق بالسياسية العربية ذاتها أو بالتدخل الخارجي. وضمن نفس الاتجاه يكتب الباحث محمد حجازي حول الإسلام السياسي والعملية الديمقراطية: فلسطين نموذجاً. ويقدم الباحث محمد أبو دقة دراسة مطولة حول أزمة التمثيل الفلسطيني بين منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية. في زاوية المقالات يكتب الدكتور واصل أبو يوسف، أمين عام جبهة التحرير الفلسطينية حول الحال الفلسطيني داعياً إلى إعطاء أولوية لإعادة لحمة الوطن ولتفعيل منظمة التحرير ولتقييم مسار المفاوضات. كما يكتب هشام أبو غوش، عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين حول قرارت المجلس المركزي الأخيرة منوهاً إلى أهميتها في تعزيز ش...