بمنطق السوق، الربح والخسارة والوضع المالي يجب أن يقال (حملت البلديات فوق طاقتها وزيادة)، ولكن بمنطق مختلف جذريا هو التنمية الثقافية والاجتماعية والمسؤولية المجتمعية والريادة يجب أن تكون الأمور في منطقة أخرى مختلفة وهي ضرورة وحتمية رعاية البلديات لمؤسسات العمل الأهلي ضمن حدود هيئة الحكم المحلي.
وهذا يتطلب معايير لتقسيم فئات المجتمع الأهلي من تأثيرها على حدود الهيئة المحلية بشكل مباشر، تقديمها مجتمعها في الخارج بصورة تنعكس على مكانة البلدية، فئة المؤسسات القابلة للاندماج في العمل مع الحكم المحلي من حيث الانخراط في العمل التطوعي وتعميم ونشر مبادرة البلديات وتبنيها، ومعيار الشفافية والنزاهة لدى تلك المؤسسات من خلال وثائق مالية وإدارية تثبت ذلك.«البلد لازم تحمل بعض» وهذا سر الثبات والصمود على الأرض، وعنوانه وضع بند لدى البلديات لتتكامل مع مؤسسات المدينة ذات الأثر التنموي والأثر في القطاع الذي تغطيه، وهناك بلديات تميزت في هذا المجال بحيث ذهبت عن وعي ورؤية متكاملة لتعظيم المسؤولية الاجتماعية تجاه المؤسسات وألا تكون العلاقة نفعية لصالح طرف واحد دون الآخر، فالمؤسسات تغطي قطاعات عدة وهي تصب في صميم توجهات الحكم المحلي سواء إدماج الشباب في الحكم المحلي، برامج الرفاه والعافية لكبار السن، برامج ثقافية وتراثية تغطي قطاع الشباب والمرأة والأسرة وكبار السن ورجال الأعمال والعمال والأطفال، المكتبة العامة، مرافق البلدية التي تعتبر بنية تحتية يجب أن تساهم في التنمية المحلية بمختلف قطاعاتها.
وكان لسان حال مؤسسات العمل الأهلي والاتحادات التي اجتمعت، الأسبوع الماضي، يركز على دور البلديات دون الإشارة لأي عبء مالي على البلديات ولكن الأمر يتعلق بمظلة البلديات لرعاية العمل الأهلي وواحد منه وليس أساسه البعد المالي ولكنه حاضر، فقد تأتي ظروف كما هو الوضع الراهن وتستدعى مؤسسات العمل الأهلي لتقوم بدور إغاثي في قطاع غزة أو في مناطق وجودها في الضفة الغربية، بالتالي يصبح العبء قابلا للحمل إذا توزع ودخلت به البلديات صاحبة الأثر على القطاع الخاص والمغتربون والمؤسسات الدولية.
وكان الصوت واضحا أن المؤسسات مطالبة بخطة للعام 2025، وخطة ثلاثية لثلاثة أعوام قادمة، وهذا يقود إلى حضور قوي يقود إلى تبادل منفعة مع البلديات ومع بقية المؤسسات في المنطقة الجغرافية الواحدة، وبالتالي امتلاك التأثير على صناع القرار والتأثير على السياسات القطاعية للخروج بنتائج للقطاع الذي تعنى به.
وهنا تصبح البلديات ذات مصلحة جراء المنفعة المتبادلة، فتوسع برنامج المسؤولية الاجتماعية وتفتح أبواب مرافقها وتنظم تلك الشراكة، فلا تعود البلدية بحاجة للبحث عن الشباب للشراكة ولكنها تبحث عن مؤسسات الشباب لكي تستمر في برنامجها وتسمع رأي وطموح الشبان والشابات، ولا تبحث عن متطوعين لأن المؤسسات ترفد المدينة بهم وتعزز دورهم، وتصبح العلاقة منظمة مع الجامعات والكليات أيضا في إطار آخر للشراكة والتنمية.
وهذه العلاقة بين البلديات ومؤسسات العمل الأهلي منظمة عرفا في عدد من البلديات نتيجة صياغة عرف توافقي تكاملي وليس بالضرورة كنموذج للمسؤولية الاجتماعية، وقد تكون نتيجة لتوافق مجتمعي قائم منذ عقود واستمر، وفي بلديات أخرى أخذ وقتا لينظم نتاجا لفترة التعافي من «كوفيد ــ 19»، ومنذ الوضع الراهن، وانعكاسات تراجع الوضع الاقتصادي والمالي وآثاره واضحة على الناس والبلديات والمجتمع الأهلي، وكلا الأمرين ليس «كاتالوج» أو مرجعا ثابتا أما هذا أو ذاك بل هو ابتكار لحالة تتطلب فقط توطيد العلاقات بين البلديات والمجتمع الأهلي.
المجتمع الأهلي جاهز للشراكة والمبادرة لها ليس لأنه رابح وحيد من العلاقة بالتأكيد. بعض البلديات جاهزة عرفا وأخرى مسؤولية اجتماعية ولكن الأمر يحتاج لتنظيم وتوجه ورؤيا ما زالت بحاجة لجهد لتتبلور.
تعليقات