الاستدامة المالية للبلديات الكاتب صلاح هنية

الملف الذي يشكل قلقاً سنوياً للبلديات على اختلاف تصنيفاتها يتعلق بالاستدامة المالية والمتعلق بموارد البلديات ونفقاتها، خصوصاً في ضوء الوضع المالي والاقتصادي العام المتأزم وتراجع الناتج المحلي الإجمالي 35% الأمر الذي ينعكس بالأثر على موارد البلديات والالتزام بها تماماً، كما هو الحال في بقية القطاعات الخدمية والاقتصادية، وتوزيع الدخل الفردي المتآكل أصلاً على بقية نفقات الأسرة في متطلباتها الأساسية، بعيداً عن الرفاهية النسبية التي كانت بعيدة المنال لحظة انتظام الدخل من جهة، وانعدامها بعد إغلاق سوق العمل في السوق الإسرائيلية، وتراجع القطاعات الاقتصادية.
تجتهد البلديات في ملف مواردها بتفاوت، فهناك بلديات تمتلك خدمات المياه والكهرباء وتحصيل ديونها المتراكمة، وعدم تحقيق بعضها تسديد فواتيرها للمزود بصورة تذهب باتجاه اقتطاعات من المقاصة تؤثر على الخزينة أساساً وتنفقها البلديات في أوجه غير أوجهها، بينما تعاني بلديات أخرى من استرداد ديونها من ضريبة الأملاك التي تحصل من وزارة المالية، ويطول أمر صرفها للبلديات نتيجة للأزمة المالية وهذا موضوع جوهري هو والنقل على الطرق، واجتهدت بلديات أخرى باتجاه تنظيم خصومات تشجيعية للمواطنين على مستحقاتهم غير المحصلة للبلديات تحت يافطة (التعافي من كوفيد 19) وتلتها حملات تشجيعية أخرى.
وعملت بلديات على حملات توعية عنوانها أن "دفع مستحقاتك تعني مشاريع تطويرية"، وتتضمن عند بناء مدرسة من ضريبة المعارف أن يتم توعية المواطنين انه "لولا التزامك لما تحقق بناء مدرسة جديدة"، وينسحب الأمر على تعبيد كيلو مترات من الطرق، وبناء الأرصفة ومشاريع الصرف الصحي ومحطات التنقية، وأخذت تلك الحملات التوعوية زمناً طويلاً لرسوخها في الوعي الشعبي، إذ يستخف البعض ببناء أرصفة ويطلب أشياء أكبر، وهو يعلم أن قدرات البلديات لا تلبي هذا الطموح.
وتجمع البلديات على خصومات بداية العام على الرسوم المستحقة، بحيث تشكل حافزا لزيادة الإقبال على الدفع، وذهبت بعض البلديات لطرح حوافز تشجيعية لعوائد تحسين الأراضي.
واستطاعت بعض البلديات أن تحصل دعما لتأهيل طرق في حدودها، رغم أن عمليات دعم البلديات باتت ضمن اختصاص صندوق تطوير وإقراض البلديات.
وتتوجه البلديات عبر الاتحاد الفلسطيني للهيئات المحلية الى مؤتمرات دولية وإقليمية للبلديات غالبيتها نتيجتها علاقات توأمة مع بلديات، رفع قدرات في مجالات اختصاص البلديات، تبادل خبرات، وبعضها يذهب باتجاه جوائز لصالح مسابقات شاركت بها البلديات.
وتذهب بعض البلديات الى ابتكار نشاطات في إطار هيئتها المحلية تتحول رويداً رويداً الى مراكز دخل، بعد أن بدأت مراكز نفقات تلقى قبولاً من المجتمع المحلي وبعض الجهات المانحة بحجم متناهي الصغر لا يشكل أثراً كبيراً على ميزانية البلدية بشكل مفصلي.
ونظمت بعض البلديات علاقتها مع القطاع الخاص ليكون شريكاً في بعض فعاليات البلدية بصورة تترك اثراً تنموياً توعوياً تشاركياً على المدينة، ويشعر القطاع الخاص أنه فاعل وبشكل واضح في التنمية المحلية التي هي من أهداف البلديات أساساً.
وفي خضم هذا الواقع تنشط المؤسسات البحثية باتجاه تسليط الضوء على واقع الهيئات المحلية المالي في الإيرادات والنفقات والحوكمة والشفافية، وتخرج بتوصياتها في محورين رئيسيين: هما تعديل قانون هيئات الحكم المحلي باتجاه اللامركزية في الملف المالي، بحيث تقوم البلديات بجمع ضريبة الأملاك وتطوير قدرات البلديات في ملف الجباية المالية، وتشجيع الدفع الإلكتروني، وتشجيع المواطنين عبر الحملات التشجيعية، وتذهب باتجاه المياه والكهرباء وتصر على عدادات الدفع المسبق التي لم تشكل عاملاً محفزاً على البلديات خصوصاً أنها تحصل مسبقاً ولا تدفع أموالها للمزودين، وتعود المشكلة الى بدايتها ولا تتشجع للتقاص ومعالجة صافي احتساب القياس، الأمر الذي يؤكد اننا بحاجة لحلول خلاقة بدأتها الحكومة في قطاع الكهرباء نسبياً للشركات وليس البلديات.