التخطي إلى المحتوى الرئيسي

صفقة القرن تعود.. هل الفلسطينيون مستعدون للمواجهة؟

 د. علي الجرباوي: المرحلة المقبلة قد تشهد محاولات جادة لحسم الصراع وسط ضعف فلسطيني يتمثل في "نقص المناعة السياسية"

د. نادر سعيد: استمرار الانقسام يهدد القضية الفلسطينية ويجب وضع آلية شاملة لرأب الصدع واستعادة الثقة بالمشاريع الوطنية

 


أكد د. نادر سعيد، مدير مركز العالم العربي للبحوث والتنمية "أوراد"، خلال ندوة بعنوان: "القضية الفلسطينية في مهبّ دونالد ترمب"، قدمها د. علي الجرباوي، أستاذ العلوم السياسية، في قاعة "نديم الزرو" بمجمع رام الله الترويحي، أول من أمس، أن الجهود الفلسطينية اليومية تركز على توثيق الانتهاكات الإنسانية وتحديد الاحتياجات الأساسية في مجالات الصحة، والتعليم، والغذاء، إضافة إلى مراقبة أداء المؤسسات الدولية الإنسانية التي تُعنى بغزة، مشيراً إلى أن "هذه الجهود تكشف عن تحول الأولويات من القضايا الوطنية الكبرى إلى إدارة الأزمات اليومية".

وأوضح سعيد أن الانقسام بين القيادات الفلسطينية، سواء داخل حركة فتح أو بين فتح وحماس، أدى إلى فجوة متزايدة بين النخب السياسية والجمهور. هذا الانقسام، بحسب الاستطلاعات الأخيرة، أسهم في تراجع انتماء الفلسطينيين للفصائل، حيث لا يشعر أكثر من 50% بأي ارتباط سياسي.

وأظهرت الاستطلاعات انخفاضًا حادًا في تأييد القيادات الفلسطينية، حيث يرى 2% فقط من سكان الضفة أن أداء الرئيس عباس مناسب، فيما تراجعت شعبية حماس في غزة إلى 5%، مؤكداً "أن المشاريع الوطنية، سواء المقاومة أو المفاوضات، تفقد زخمها في ظل غياب رؤية موحدة وضعف القيادة".

واختتم سعيد بالتأكيد على ضرورة وضع آلية شاملة لرأب الصدع الوطني واستعادة الثقة بالمشاريع الوطنية، محذراً من أن استمرار الانقسام يهدد القضية الفلسطينية بأكملها.

 

تحديات المرحلة المقبلة وفرص العمل الوطني الفلسطيني

وفي حديثه، تناول د. علي الجرباوي التحولات السياسية الكبرى التي تواجه القضية الفلسطينية في ظل المتغيرات الدولية والإقليمية، مشيراً إلى أن المرحلة المقبلة قد تكون مفصلية، وموضحاً أنها قد تشهد محاولات جادة لحسم الصراع، وسط ضعف فلسطيني يتمثل في "نقص المناعة السياسية".

وأكد أستاذ العلوم السياسية أن هناك تحديات كبرى تتطلب استراتيجيات واضحة، بعيداً عن الاستمرار في حالة الجمود التي تسيطر على النظام السياسي الفلسطيني.

 

الوضع الدولي والإقليمي وتأثير عودة ترمب

وأوضح الجرباوي أن عودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب تشكل تحدياً كبيراً، خاصة مع تركيزه على القضايا الكبرى مثل المنافسة مع الصين وتعزيز التحالف الأطلسي والوضع الداخلي الأميركي، مشيراً إلى أن الشرق الأوسط بالنسبة لترمب ليس أولوية مركزية، بل يسعى لاستقرار المنطقة بما يخدم المصالح الأميركية والإسرائيلية.

بالنسبة لفلسطين، رأى الجرباوي أن ترمب سيعمل على إعادة صياغة صفقة القرن كحد أقصى يمكن للفلسطينيين الحصول عليه، مع التركيز على "دولة في غزة" تُمثّل حلاً أمنياً لإسرائيل بدلاً من حل سياسي شامل.

 وأضاف "أي تسوية ستعتمد على اتفاقيات تطبيع إقليمية بين إسرائيل ودول عربية".

 

تراجع الدور العربي في الإقليم

وأكد الجرباوي أن الأدوار الفاعلة في الإقليم أصبحت غير عربية، مشيراً إلى هيمنة إيران وتركيا وإسرائيل كأطراف أساسية فاعلة، قائلاً "الأنظمة العربية تعتبر القضية الفلسطينية عبئاً تسعى للتخلص منه عبر تسويات دنيا تحافظ على مصالحها الخاصة، دون اعتبارها قضية مركزية للأمة العربية."

وشدد وزير التخطيط الفلسطيني السابق على أن السعودية، بصفتها الدولة العربية المحورية حالياً، تقود التوجه نحو تسوية بأدنى الحدود، ما يعني أن القضية الفلسطينية لن تحظى بالدعم الكافي لإحداث تغيير حقيقي في ميزان القوى الإقليمي.

 

الوضع الداخلي الفلسطيني.. ضعف المناعة السياسية

وانتقل الجرباوي للحديث عن الوضع الفلسطيني الداخلي، مؤكداً أن النظام السياسي الفلسطيني يعاني من "تكلّس" منذ عقود، ما أدى إلى حالة انقسام سياسي واستقطاب جغرافي بين الضفة الغربية وقطاع غزة. وأوضح أن هذا الانقسام أدى إلى تجمّد الحياة السياسية، حيث بات التفكير السياسي الفلسطيني مأسوراً بمسلمات غير قابلة للنقاش أو المحاسبة.

وأشار إلى أن النظام السياسي الحالي غير قادر على تقديم استجابات فعّالة للتحديات الراهنة، مع انهيار متسارع في منظومات التعليم، والاقتصاد، والقيم الاجتماعية، معتبراً أن استمرار هذه الحالة يُضعف قدرة الفلسطينيين على مواجهة الضغوط الإسرائيلية والدولية.

 

إسرائيل وصعودها الإقليمي

ولفت الجرباوي إلى أن إسرائيل تشهد مرحلة صعود إقليمي رغم التحديات التي واجهتها في الحرب الأخيرة، وقال "إسرائيل تمكنت من تحقيق أهداف استراتيجية في غزة، ولبنان، وسوريا، بينما تسعى لتعزيز موقعها عبر مشاريع مثل التطبيع والضم الانتقائي لأجزاء من الضفة الغربية.

وأضاف: إن المجتمع الإسرائيلي نفسه يشهد تحولاً نحو اليمين المتطرف، ما يجعل أي تسوية سياسية تقوم على مبدأ الدولتين أمراً بعيد المنال، مؤكداً "أن إسرائيل اليوم تحكمها رؤية قائمة على مشروع يهودا والسامرة، حيث لم تعد التسوية السياسية خياراً شعبياً ولا حكومياً".

 

التحديات أمام المشروع الوطني الفلسطيني

وشدد الجرباوي على أن المشروع الوطني الفلسطيني، سواء عبر المفاوضات أو المقاومة، يواجه تراجعاً كبيراً، وموضحاً أن المسارين أصبحا وسيلتين جامدتين، بدلاً من أن يكونا جزءاً من رؤية وطنية شاملة.

وأشار إلى أن التحدي الأبرز يتمثل في محاولات إسرائيل تأبيد فصل الضفة عن غزة والانتقال إلى مرحلة "الضم الانتقائي"، ما يؤدي إلى تقسيم الضفة الغربية إلى معازل مرتبطة بغزة، ضمن رؤية لا تحقق السيادة الفلسطينية، واعتبر أن استمرار الانقسام الفلسطيني يسهّل على إسرائيل تنفيذ هذه المخططات.

 

رؤية للمستقبل.. بين خيارات الضم الكامل وحل الدولتين

وطرح الجرباوي تساؤلات حول جدوى التمسك بحل الدولتين في ظل الوقائع الحالية، مشيراً إلى أن هذا الحل، كما يُطرح الآن، يهدف إلى تقسيم الضفة الغربية، وليس إقامة دولة فلسطينية مستقلة، داعياً إلى فتح نقاش حول الخيارات البديلة، مثل المطالبة بالضم الكامل للضفة الغربية إلى إسرائيل، ما يفرض مواجهة قانونية وسياسية مختلفة قد تُغير المعادلة.

وأكد أن استمرار الجمود السياسي يجعل الفلسطينيين أسرى خيارات إسرائيلية تفرض عليهم واقعاً جديداً، داعياً إلى إعادة تشكيل النظام السياسي الفلسطيني ليكون قادراً على مواجهة التحديات، وتفعيل النقاش الداخلي حول الخيارات المتاحة.

 

إعادة بناء المناعة الفلسطينية

واختتم الجرباوي حديثه بالتأكيد على أهمية بناء المناعة السياسية الفلسطينية من خلال تفعيل النظام السياسي، وإنهاء الانقسام، ووضع رؤية وطنية شاملة تتناسب مع التحولات الدولية والإقليمية.

وشدد على أن "المرحلة المقبلة تتطلب شجاعة في مواجهة الواقع واتخاذ قرارات صعبة لضمان الحفاظ على الحقوق الوطنية الفلسطينية في مواجهة مشروع التصفية الذي تقوده إسرائيل بدعم دولي وإقليمي".


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الصديق (هشام)والتنوع الايجابي بقلم صلاح هنية

20.08.11 - 22:27 الصديق ( هشام ) كان معنا هو وزوجته ( سمر)في الامسية الرمضانية الاقتصادية التي نظمتها جمعية حماية المستهلك الفلسطيني في محافظة رام الله والبيرة وفي ذات الوقت كان بقية افراد الاسرة منتشرين في المدينة ( رام الله ) بين نشاط ثقافي في المحكمة العثمانية، وأخر في قصر الثقافة، ومحمود وأحمد اثرا البقاء في البيت على قاعدة ( زاهي وهبة )، باختصار تلك هي الاسرة الفلسطينية النووية التي تسكن رام الله هكذا بالغالب توزع اهتماماته، بينما كان الصديق معنا بكل جوارحه حيث انحاز لأمسيتنا ولملف حماية المستهلك. في الجزء الأخر من المدينة كان الحال مختلفا هناك من يرغب بسهرة رمضانية ( فايعة) بين متابعة مباراة كرة قدم، أو لعبة مسابقات في مطعم ومتنزه في المدينة، أو متابعة مسلسل (الزعيم )على شاشة كبيرة تعويضا عن انتهاء (باب الحارة). شخصيا لن أطلب من اية جهة قضائية منع السهر في المدينة ولا حجب امكانيات برامج المسابقات التي تنظم في مطعا هنا أو هناك، ولن اطلب من أمانة سر المجلس الثوري لفتح أن تتدخل في الأمر سلبا أو ايجابا. شخصيا لن أطلب من أمام مسجد الحي أن يقول عنهم أي شيء لكني احثه أن يحافظ على زخ...

Organize better meetings by NOI

Dec 5, 2011 If you're spending too much time in meetings where little seems to get accomplished, try these four rules to make over your meeting habits: Always have an agenda. And when something comes up that isn't on the agenda, decide on the spot if it's truly important enough to displace another topic (usually it won't be, but sometimes it will be). If it's not, then say, "Let's put that on the agenda for another time" and move the conversation back to what you're there to discuss. Announce at the start what you'd like the take-aways to be. For instance, you might announce that at the beginning, "We have one hour to cover A, B, and C.At the end of this meeting, I'm hoping we'll have ___." Create actions and assign responsibility. At the end of the meeting, make sure the conversation has been translated into action items, and that each action item has a clear owner. Separate group meetings and 1-to-1 check-ins. Group meetings...

معهد السياسات العامة-IPP يصدر العدد السادس من "فصلية سياسات"

صدر حديثا عن "معهد السياسات العامة" برام الله، العدد السادس من فصلية "سياسات"، يقع في 160 صفحة ويتناول مجموعة من القضايا والمفاهيم المحلية والعربية، تندرج في دائرة تعميق فهم الحال الفلسطيني وما انتهى إليه بحثاً عن المخارج الممكنة. ففي العدد يكتب الباحث طلال أبور ركبة من مركز رام الله لدراسات حقوق الإنسان حول أزمة الديمقراطية العربية وتعثر المشروع الديمقراطي العربي بسبب عثرات داخلية تتعلق بالسياسية العربية ذاتها أو بالتدخل الخارجي. وضمن نفس الاتجاه يكتب الباحث محمد حجازي حول الإسلام السياسي والعملية الديمقراطية: فلسطين نموذجاً. ويقدم الباحث محمد أبو دقة دراسة مطولة حول أزمة التمثيل الفلسطيني بين منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية. في زاوية المقالات يكتب الدكتور واصل أبو يوسف، أمين عام جبهة التحرير الفلسطينية حول الحال الفلسطيني داعياً إلى إعطاء أولوية لإعادة لحمة الوطن ولتفعيل منظمة التحرير ولتقييم مسار المفاوضات. كما يكتب هشام أبو غوش، عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين حول قرارت المجلس المركزي الأخيرة منوهاً إلى أهميتها في تعزيز ش...