التخطي إلى المحتوى الرئيسي

في الطريق إلى القدس وترويض الشعب وحرب التصاريح بقلم: صلاح هنية

انتظر يوم الجمعة على أحر من الجمر في هذا الشهر الفضيل لأن العمر يؤهلني للدخول إلى القدس لأداء صلاة الجمعة في المسجد الأقصى المبارك، وبما أنني لا امتلك تصريحاً يؤهلني للدخول بقية أيام الأسبوع بعد أن طوعت لهم أنفسهم أن يطالبوا الإدارة المدنية للاحتلال التي يجب أن تنحل وترحل بموجب إعلان المبادئ ( أوسلو) بوقف إصدار التصاريح للفقراء والمحرومين من حقهم بالتنقل والوصول إلى القدس وإلى البحر الأبيض المتوسط على مدار أيام العام ويبقون أسرى لخدمات رديئة وسلع نصف كم وأسعار مجنونة على مدار أيام العام واستيراد غير مضبوط ومواصفات فلسطينية ومعايير فنية إلزامية لا تغطي المنتجات المنتجة فلسطينياً ولا تغطي كل ما يستورد إلى فلسطين ولا يوجد مختبرات لدعمها.

في الطريق إلى القدس وعلى حاجز قلنديا الذي يحجب عنا القدس والبحر عملت دليلاً سياحياً لآخرين يتوجهون إلى المسجد الأقصى المبارك للجمعة الأولى، وأن تعمل دليلًا يعني أن تكون قد تدجنت بموجب إجراءات الاحتلال للساعة المناسبة للتوجه إلى الحاجز والطريق الأسلك وكي تتفاهم مع السائق أن يأخذك من ذاك الطريق السالك، وتركض برشاقة "غير متوفرة لدي" صوب المدخل الذي حفظته عن ظهر قلب والانتظار وخط السير بعد اجتياز فحص العمر وإرجاع من يجب أن يرجع وإدخال من يجب أن يدخل، حتى السير في معرجات كثيرة وصولاً إلى الحافلات.
هذه الجمعة كانت إحدى البوابات قد أغلقت وحول السير باتجاه بوابة أخرى فتحت لتعيدنا لنهاية ذات البوابة المغلقة وأنا أتابع هذه التفاصيل وكزني احدهم قائلاً "لو أن حية لدغتك لما انتبهت، أخذك مشهد الحاجز وهوله"، نعم أخذني المشهد الترويضي التطويعي الذي لا يعترف بوجودي كشعب بل يتم التعامل معي أنني يجب أن أروض في حاجز قلنديا، وأن قيادتي يجب أن تروض في واشنطن هذا الأسبوع، وبالتالي يجب أن يروض شعبي مرة أخرى عبر خفض سقف توقعاته من قضايا الحل النهائي لتصبح قضية الأسرى واحدة منها وأهمها وهي استحقاق وليست من قضايا الحل النهائي.
في الحافلة الأب يحدث ابنه الصغير المسموح له مرافقته بحكم العمر يوم الجمعة: إلى نحن ذاهبون؟. الابن يجيب بصوت عال: المسجد الأقصى المبارك لصلاة الجمعة والكنة تحدث حماتها عمتي هذه التلة الفرنسية، والشاب يحدث رفيق الرحلة: لماذا أتى بنا السائق من هنا قال له يا زلمة هذه هي الطريق "لا حول ولا قوة إلا بالله والله التخمنا كأننا ذاهبون إلى عالم آخر".
في المسجد الأقصى تتغير الأمور تماماً وتصبح مشدوداً إلى مشهد آخر، مشهد إيماني عميق تعيش تفاصيله بدقة كبيرة، تحث الخطى لتبلغ أقرب نقطة من المسجد الأقصى نفسه لتؤدي الصلاة هناك، وما إن تنفض صلاة الجمعة حتى يصبح المشهد غريباً عجيباً ترى ما علاقة المسجد الأقصى المبارك والشعب الفلسطيني المسلم الذي يعمر المسجد الأقصى بمحمد مرسي حتى ترفع صوره ويطالب فريق صغير بعودته للحكم، وما علاقتنا في هذه الجمعة المباركة في هذا الشهر المبارك بهذه الجزئية التي لا علاقة لنا بها باستثناء علاقة حزبية ضيقة للبعض ولا علاقة للقدس وللأقصى ولفلسطين بها، إنه جزء من الترويض حتى لا يكون المسجد والقدس أكبر همنا وعلى رأس أولوياتنا.
في شارع صلاح الدين في القدس اعلن عن مهرجان تسوق في القدس بمشاركة متاجر ومراكز تجارية وشركات بمبادرة مقدسية خالصة وقد قرأت إعلانها في الصحف وسمعت عنها شفاهة من بعض التجار هناك، كان الحديث عن المبادرة يدور ويترافق مع هم فلسطيني في القدس يتعلق بجمع الشمل للزوجة التي لا تحمل هوية مقدسية، وحجم الضرائب التي تثقل كاهل الفلسطيني في القدس، وحديث عن أمنية تاريخية بممارسة حق التوسع في بيت جديد قرب بيت العائلة أو فوقها، أو تلبية الرغبة بمشروع إسكان في القدس.
باختصار المشهد يقول إن القدس والمسجد الأقصى لا زالا في القلب ولا يجوز أن يشوه هذا المشهد سواء من حيث التأقلم مع مساعي الاحتلال للتطويع، أو من خلال الإصرار على مخاطبة الإدارة المدنية لحرماننا من حقنا بالحصول على تصريح في الوقت الذي نحرم منها على مدار العام وتبقى في جيوب الذين يصرون على منعنا منها شهراً في العام طوال العام.
في طريق العودة وعبر حاجز الاحتلال في قلنديا يظل يذكرنا بمشهد الترويض إذ لا تزال الجرافة الكبيرة على الحاجز والسيارة التي ترش المياه العادمة بالخراطيم واقفة في ساحة الحاجز، ويحمل الناس بين أياديهم أكياساً يظهر منها الكعك بسمسم المقدسي وعصائر رمضان التقليدية، يعني الحسبة ليست أكثر من عشرين شيكلاً لكل مصل مش محرزة.
ويظل المشهد قائماً بانتظار صلاة الجمعة القادمة علنا نتمكن من رؤية بقية المشهد في القدس والمسجد الأقصى المبارك.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الصديق (هشام)والتنوع الايجابي بقلم صلاح هنية

20.08.11 - 22:27 الصديق ( هشام ) كان معنا هو وزوجته ( سمر)في الامسية الرمضانية الاقتصادية التي نظمتها جمعية حماية المستهلك الفلسطيني في محافظة رام الله والبيرة وفي ذات الوقت كان بقية افراد الاسرة منتشرين في المدينة ( رام الله ) بين نشاط ثقافي في المحكمة العثمانية، وأخر في قصر الثقافة، ومحمود وأحمد اثرا البقاء في البيت على قاعدة ( زاهي وهبة )، باختصار تلك هي الاسرة الفلسطينية النووية التي تسكن رام الله هكذا بالغالب توزع اهتماماته، بينما كان الصديق معنا بكل جوارحه حيث انحاز لأمسيتنا ولملف حماية المستهلك. في الجزء الأخر من المدينة كان الحال مختلفا هناك من يرغب بسهرة رمضانية ( فايعة) بين متابعة مباراة كرة قدم، أو لعبة مسابقات في مطعم ومتنزه في المدينة، أو متابعة مسلسل (الزعيم )على شاشة كبيرة تعويضا عن انتهاء (باب الحارة). شخصيا لن أطلب من اية جهة قضائية منع السهر في المدينة ولا حجب امكانيات برامج المسابقات التي تنظم في مطعا هنا أو هناك، ولن اطلب من أمانة سر المجلس الثوري لفتح أن تتدخل في الأمر سلبا أو ايجابا. شخصيا لن أطلب من أمام مسجد الحي أن يقول عنهم أي شيء لكني احثه أن يحافظ على زخ...

Organize better meetings by NOI

Dec 5, 2011 If you're spending too much time in meetings where little seems to get accomplished, try these four rules to make over your meeting habits: Always have an agenda. And when something comes up that isn't on the agenda, decide on the spot if it's truly important enough to displace another topic (usually it won't be, but sometimes it will be). If it's not, then say, "Let's put that on the agenda for another time" and move the conversation back to what you're there to discuss. Announce at the start what you'd like the take-aways to be. For instance, you might announce that at the beginning, "We have one hour to cover A, B, and C.At the end of this meeting, I'm hoping we'll have ___." Create actions and assign responsibility. At the end of the meeting, make sure the conversation has been translated into action items, and that each action item has a clear owner. Separate group meetings and 1-to-1 check-ins. Group meetings...

معهد السياسات العامة-IPP يصدر العدد السادس من "فصلية سياسات"

صدر حديثا عن "معهد السياسات العامة" برام الله، العدد السادس من فصلية "سياسات"، يقع في 160 صفحة ويتناول مجموعة من القضايا والمفاهيم المحلية والعربية، تندرج في دائرة تعميق فهم الحال الفلسطيني وما انتهى إليه بحثاً عن المخارج الممكنة. ففي العدد يكتب الباحث طلال أبور ركبة من مركز رام الله لدراسات حقوق الإنسان حول أزمة الديمقراطية العربية وتعثر المشروع الديمقراطي العربي بسبب عثرات داخلية تتعلق بالسياسية العربية ذاتها أو بالتدخل الخارجي. وضمن نفس الاتجاه يكتب الباحث محمد حجازي حول الإسلام السياسي والعملية الديمقراطية: فلسطين نموذجاً. ويقدم الباحث محمد أبو دقة دراسة مطولة حول أزمة التمثيل الفلسطيني بين منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية. في زاوية المقالات يكتب الدكتور واصل أبو يوسف، أمين عام جبهة التحرير الفلسطينية حول الحال الفلسطيني داعياً إلى إعطاء أولوية لإعادة لحمة الوطن ولتفعيل منظمة التحرير ولتقييم مسار المفاوضات. كما يكتب هشام أبو غوش، عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين حول قرارت المجلس المركزي الأخيرة منوهاً إلى أهميتها في تعزيز ش...