تفنن البعض باستغلال الأحوال الجوية العاصفة وتساقط الثلوج باتجاه تأكيد نظريته الخائبة أننا لسنا دولة ولسنا سلطة ولسنا شعبنا ولا نمتلك هوية وطنية ولا نستحق استقلالا، وتنوعت فنون هؤلاء في التعبير عن هذا التوجه فإذا اعلن الدفاع المدني عما يزيد على 2500 تدخل، يقال لم نرهم، وإذا أشار الهلال الأحمر الفلسطيني لتدخلاته وفعاليات وحدة الكوارث فيه قيل من هم هؤلاء، وعندما تفقد الدكتور سلام فياض رئيس الوزراء هؤلاء جميعا وتفقد جاهزية الطوارئ في وزارة الأشغال العامة والإسكان قال هؤلاء :أليس اليوم عطلة رسمية فهل جاء ليتفقد المباني.
قلوبنا يعتصرها الألم على فقدان الشعب الفلسطيني لثلاث ضحايا جراء العاصفة الجوية التي حلت بفلسطين على مدار الأسبوع الماضي كانوا يكدون ويجتهدون في عملهم ويرغبون بالعودة آمنين الى بيوتهم وعائلاتهم لكن ما شاء الله قدر ولا نمتلك الا ان نقول إنا لله وإنا إليه راجعون.
وفي ذات اللحظة يجب أن نكون مدركين لحجم التدخلات التي قامت بها وحدات الطوارئ بكافة مكوناتها وتقدير ما قاموا به على مدار ايام العاصفة الجوية ليلا ونهاراً وعلى مدار الساعة، ويجب أن نكون ممتنين لشركات الكهرباء والجهاز الطبي والتمريضي والدفاع المدني والهلال الأحمر الفلسطيني والبلديات والمجالس القروية والقطاع الخاص الذي حرك آلياته ومعداته للمساهمة في الإنقاذ ووزارة الأشغال العامة والإسكان والمحافظين.
يجب الا ننسى للحظة واحدة أننا ما زلنا تحت الاحتلال وجداره للفصل والتوسع ومستوطناته، وهذه بمجملها أسباب رئيسية للاضرار التي وقعت في مناطق غالبيتها قرب الجدار والمستوطنات وحواجز الاحتلال.
وحتى نخرج من تلك الدائرة المغلقة التي يريد المحبطون وضعنا فيها والحديث عنها ولا يريدوننا أن نخرج منها يجب أن نستخلص العبر ونقييم التجربة لنكون أفضل بكثير في المرات القادمة خصوصا أن تغير الاحوال الجوية يتطلب استخلاصات مختلفة تماماً.
يجب الا ننسى أننا نتعاطى مع علوم قائمة ودليل إجراءات وخطط وسيناريوهات وآليات تدريب وتفعيل لإدارة الازمات والكوارث ولا نتعاطى مع التجربة والخطأ، فقد استطاعت عديد الدول أن ترسم خطتها الوطنية لإدارة الأزمات والكوارث وعمليات الإيواء وهذا يتطلب توفير مساحات واسعة وآمنة للإيواء خصوصاً عند عمليات الإخلاء الطارئ أو الإخلاء المبرمج والمنظم لمن لا تلائم اماكن وظروف سكنهم ليكونوا بأمان في ضوء الكوارث والفيضانات والعواصف.
وحتى لا نظهر امورنا وكأننا في اللوج وأن شيئا لم يقع وأن سوءاً لإدارة الازمة لم يقع، وحتى نكون اكثر موضوعية وأقرب لاستخلاص العبر مما وقع يجب أن نشخص ونوضح، ومن هنا تبرز بعض الاستخلاصات، التي جلسنا مع مستشارنا في جمعية حماية المستهلك الفلسطيني لشؤون التخطيط الاستراتيجي ورسمنا معالمها الأولية:
بات من الواضح أننا كلما ابتعدنا عن المركز ( رام الله والبيرة ) ظهرت بوضوح معالم الأزمة والكارثة وضعف آليات إدارة الأزمة، خصوصاً في المناطق الأقرب من جدار الفصل والتوسع ومن المستوطنات وحواجز الاحتلال.
غياب غرفة عمليات مركزية على مستوى دولة فلسطين تأتمر بأمرها وتتحرك بناء على توجيهاتها كافة فرق الطوارئ والإنقاذ، وما كان قائماً أن كل جهة أوجدت لديها غرفة العمليات الخاصة بها.
غياب خطة طوارئ للتعامل مع هذه الظروف واضحة المعالم ومعتمدة.
غياب مركز لإدارة الازمات والكوارث تحت مظلة رئاسة الوزراء وهو أمر بالغ الأهمية والضرورة القصوى هذه الايام وأن لا يكون تشريفياً بل مهنياً.
تطل علينا ثقافة المجتمع الفلسطيني ووعيه للتعامل مع الطوارئ التي تعتمد ردود الأفعال العشوائية دون تخطيط، رغم أن الدفاع المدني الفلسطيني أجرى عدة حالات تدريب حية على الإخلاء ووقوع الزلازل، الا أننا لم نتمكن من إقناع أو إجبار الذين يقطنون أماكن خطرة في مجاري الوديان أو المناطق الأكثر عرضة لتدفق المياه وانجرافها أو من يسكن خيمة إخلاء أماكن سكنهم غير الملائمة ولو مؤقتا لحين زوال تلك الظروف.
غياب آلية وفريق وطني لتقييم الاضرار للمعرفة مثلا وبشكل سريع ما الذي تحتاجه بلدة قباطية وعلار وعتيل وعنبتا ومسافر يطا ومناطق بني نعيم ووادي المالح وكردلة وبردلة وغيرها ونتوجه لهم ضمن صورة متكاملة لآلية وكمية واحتياجات التدخل للانقاذ ومن ثم الايواء.
خارج النص:
تفرح عندما تجد دكاناً مناسباً لتبتاع منه هدية بنمط مقدسي تقدمها لضيف قادم إلى دولة فلسطين ليسند ويتضامن وتعبر عن فرحك هذا، وتفرح أكثر عندما تجد تفاهما بين هذا الدكان والخدمات المرافقة للهدية، ولكنك تسحب هذا الحماس فورا لأنك ان طلبت من أحدهم أن يجلب الهدية يقول انا اسكن خارج رام الله والدنيا مطر، وإن اقنعته ورافقته تجد الدكان المميز لم ينه الهدية بعد أن يكون قد أمطرك جملا تعبر عن التعلق بنماذج خارج دولة فلسطين، ومن ثم يصيح بك مقدم الخدمة المرافقة انه خارج المكتب واتصل بي كمان ساعة، وبعد ساعة وبعد ساعتين ذات الجواب، في اليوم التالي يقول لك هو في حد طالع من بيته اذا بدك اياني ابعت سيارة بطلع معك شخص وبترجّعه او بتدفعلُه خمسين شيكل يرجع.
عمار يا بلد .... افرح كيف غني اطرب .... انت لست زبونا بل عتال لصاحب الدكان تحمل هديتك وتذهب إلى المتعامل معهم من مقدمي الخدمات المرافقة وتعود له ليبصم لك على سلامة الاعمال، والدفع قبل الرفع لأن الوزارات ليست موقع ثقة ماليا، سبحان الله قبل عامين كنا نموذجا في الوزارات للمصداقية المالية.
ولا ننكر أن هناك دكاكين ومكاتب تحترم ضيوف دولة فلسطين وتعرف كيف تتقن العمل وتبيض الوجه.
ولا ننكر أن هناك موظفين اعلاميين في تلفزيون فلسطين ووكالة الأنباء الفلسطينية – "وفا" يعرفون أهمية عكس زيارة وفد أو شخصية مهمة لدولة فلسطين بصورة إعلامية لائقة فيحضرون في الثلج ليغطوا ويتابعوا ويلتقوا.
salah@pcp.ps
تاريخ نشر المقال 12 كانون الثاني 2013
تعليقات