لست
محللاً سياسياً ولا أرغب في أن أكون، لكنني أريد أن أشارك المتفائلين
تفاءلهم أننا بتنا أقرب للوحدة أكثر مما مضى، ولا أقلل من شأن رؤية أن
نتائج وقف العدوان على المحافظات الجنوبية إشارات قد تبدو فيها إدارة الظهر
للمحافظات الشمالية وتركها تقلع شوكها بيدها.
ولكن ما لا يدعو للشك للحظة واحدة أن تغيراً حقيقياً قد وقع في المحافظات
الشمالية بحيث باتت أكثر وحدة ولحمة وتفاعلاً حتى أن (العلاك) السياسي قل
وخفت وتيرته، ومن بات (يعلك) سياسة بات بعيداً عن السياق العام، وبالتوازي
مع هذا كانت المحافظات الجنوبية فوق النار بين شهداء وجرحى.
في خضم هذه المعطيات وبعيداً عن الإغراق في الحديث السياسي والتفاؤل
والتشاؤم والمتشائل أود تسجيل عدد من الملاحظات المهمة:
كنت أتمنى على السيد الرئيس محمود عباس أن يصدر بعض الإشارات التي تتعاطى
سلبياً أو إيجابياً مع الدعوات من عدد من المواطنين المهتمين عبر مواقع
التواصل الاجتماعي ولو حتى عبر حسابه على الفيس بوك أو من خلال الحديث الذي
ألقاه مرتين على هامش اجتماعات القيادة بخصوص الذهاب إلى غزة مثلاً أو
اختيار الأشخاص الذين يشاركون السيد الرئيس في الاجتماعات مع المبعوثين
الدوليين بصورة تقنع الرأي العام أن خياراتنا وخطابنا مع العالم بات
مختلفاً ونحن نثق بالسيد الرئيس ثقة عمياء ولكن إخراج الاجتماعات مهم جداً.
باتت واضحة حالة الانفصام الواقعة بين قيادة الفصائل الوطنية وقواعدها
وبشكل خاص حركة فتح، حيث تفوقت القواعد التنظيمية والعناصر والأنصار على
المكاتب السياسية للفصائل وعلى اللجنة المركزية والمجلس الثوري لفتح في
الإبداع في الأداء أثناء الوقفة الجماهيرية خلال العدوان على المحافظات
الجنوبية. بمعنى استطاعت تلك القواعد التنظيمية ملء الفراغ بصورة موحدة.
بات واضحاً أن تكرار ذات المظاهر القديمة من قبل حركة حماس وأنصارها خصوصاً
كثافة الأعلام الخضراء والقبعات المزينة بذات الشعارات وكأن فعل التضامن
ليس للتضامن بل للاستخدام الداخلي ضد الخصوم السياسيين في الوطن، واعتقد أن
تأنياً في دراسة هذه الظاهرة بات مطلوباً.
بات من الواضح أن خيار التكنوقراط لتولي المناصب العامة ليس خياراً مناسباً
لأننا لا نعيش في وضع طبيعي وهذا ما برز واضحاً خلال أيام العدوان
الثمانية على المحافظات الجنوبية، وهذا لا يقود إلى الاستنتاج أن الساسة
ودعاة السياسة هم الخيار الأفضل ولا هو الخيار الحكيم أو الجواب السليم على
التحدي، بل يجب أن تكون هناك حنكة في خيار من يتولى المناصب العامة بما
يتناسب مع سياق الوضع السياسي الفلسطيني.
إن بعض قضايا النضال السلبي التي برزت في الوقوف في وجه العدوان على
المحافظات الجنوبية جعلت المواطنين أكثر قرباً من ممارستها بقوة وعلى رأسها
مقاطعة المنتجات الإسرائيلية والتي شهدت تصاعداً على مدار أيام العدوان
الثمانية ويجب أن تستمر كسلوك استهلاكي يعبر عن خيار فردي واضح دون فذلكة
المتفذلكين الذين يعتبرون انفسهم خبراء تذوق وخبراء جودة وهم من ذلك براء.
إن وضع الشباب والشابات الذين هم في مقتبل العمر عناصر للاستخدام من هذا
الطرف أو ذاك ولّى بلا رجعة وباتت الحركة الشبابية الفلسطينية منذ يوم ذكرى
إعلان وثيقة الاستقلال، وعلى مدار أيام العدوان على المحافظات الجنوبية في
المربع الصحيح وفي المكان السليم فهم حريصون على أن يرفع علم فلسطين علم
الوطن في كافة فعاليات التضامن، كانوا شركاء في التحضير لكافة الفعاليات
الكفاحية التضامنية وجزء منها ويتضامنون ويتآزرون معاً، باتوا أكثر
احتراماً لمن يكبرهم عمراً في الفعاليات التضامنية، باختصار لم يعودوا
للاستخدام لصالح شعارات عدمية أو أداة لمصالح تتصادم هنا تارة وتتوافق هنا
مرات عدة.
استطاع الإعلام الفلسطيني أن يكون أكثر انسجاماً مع نفسه ويطلق العنان
لأدواته لكي يستقطب قراءه ومستمعيه ومشاهديه بصورة باتت فيه فلسطين مركز
صناعة الحدث وصياغة الخبر والانسجام معها.
الحضور البارز في أيام العدوان الثمانية على المحافظات الجنوبية للحركة
الأسيرة الفلسطينية والمطالبة بالإفراج عنهم فوراً ضمن فعاليات التضامن
ومشاركة أهالي الأسرى في خضم هذه الفعاليات.
في قلب النص:
اعرف أن صوتي لن يكون مسموعاً رغم أنني من أسرة القائد الشهيد ياسر عرفات
الكبيرة إلا أنني سأقول كلمتي ولن انسحب ....
إن فتح ضريح الشهيد القائد ياسر عرفات بهدف أخذ عينات عمل غير مقبول وغير
مقنع ومرفوض رفضاً قاطعاً من قبلي لأنني لا أريد إثباتاً أن أبو عمار مات
مسموماً، فدعوه يرقد مرتاحاً واتركوه، وابحثوا عن الحقيقة في مكان آخر.
اعتذر، عليكم البحث عن العينات التي أخفيت في المستشفى الفرنسي، عليكم أن
تتابعوا الرأي الطبي الذي قيل فيه الكثير، وطالما أن كافة أنواع السموم
المعروفة غير موجودة في الفحوصات بالتالي هناك سموم أخرى.
ارفعوا أياديكم عن مرقد ياسر عرفات ولا تفتحوا جرحنا وألمنا ولا توجهونا
صوب قضية أخرى غير توجه الرئيس إلى الأمم المتحدة، ولا تستخدموا بلاغة
الخطاب لتوضحوا لنا، لن يقنعنا أي توضيح اليوم السبت أو غداً أو بعد غد،
وليعد الفريق الطبي من حيث أتى إذا لم يكن لديه ما يعلنه عن سبب وحقيقة
استشهاد ياسر عرفات أبو الوطنية الفلسطينية.
salah@pcp.ps
http://aya2abd.blogspot.com
تعليقات