بقلم: صلاح هنية
لم يعد بالإمكان الاحتمال أكثر في ضوء ما يقع على
حاجز قلنديا الاحتلالي الذي يربط الوطن بالقدس المحتلة، ويربط محافظات
الخليل وبيت لحم واريحا بمحافظة رام الله والبيرة والعكس صحيح، هذا الوضع
المؤلم الذي يحرق اعصاب وطاقة واقتصاد واموال المواطنين دون مبرر.
لم يعد بإمكان أي مسؤول فلسطيني بصرف النظر عن موقعه ومدى
صلاحياته ومسؤولياته أو أي رجل وأمرأة من القطاع الخاص أو مؤسسات المجتمع
المدني أن يغض الطرف عن مسؤولياته التي لا يمارسها لرفع الظلم الواقع على
حاجز قلنديا الاحتلالي.
ما يحدث باختصار مصيبة بكل ما تحمل الكلمة من معنى على هذا الحاجز من مضيعة وقت الناس فقط، لأنهم فلسطينيون، فمن يريد التوجه إلى العيزرية مثلا للمشاركة في اجتماع أو مناسبة اجتماعية أو لأيصال بضاعة أو جلب بضاعة يجب أن يخرج قبل ثلاثة ساعات على الاقل من موعده المحدد للاجتماع أو وصول البضاعة. هذا اضافة لحالة حرق الاعصاب وتضيع المال واستهلاك الوقود خلال طول الانتظار وحالات النرفزة والغضب والتجاوزات غير القانونية التي تتم من قبل السائقين سعيا لتجاوز الدور رغبة بالوصول قبل الآخرين.
ما يحدث باختصار مصيبة وأمر محزن، من منطقة المعلوفية في
البيرة حتى حاجز قلنديا الاحتلالي سواء من حيث البناء دون ترخيص والتعدي
على حرم الطريق ومخلفات مواد البناء التي تغلق قنوات ومناهل تصريف مياه
الأمطار التي تجعلها تتجمع وتؤثر سلبيا على حركة المرور في الطريق وهذا ما
حدث الشتاء الماضي، والمطبات غير اللازمة التي توضع كيفما شاء اصحاب
الابنية والمتاجر في هذا الطريق بحجة انها منطقة غير تابعة لأحد، وفيما
يقتلنا هذا المنطق الغريب العجيب: أليست هذه اراض فلسطينية يقطنها
فلسطينون؟ أليست جزءا من القدس المحتلة؟ الا تقع تحت نظر ورؤية أي مسؤول
فلسطيني؟.
لم يعد كافيا التصدي لما يقع في حاجز قلنديا الاحتلالي اولا
من خلال مناشدات لممثل اللجنة الرباعية الدولية أو القناصل والمؤسسات
الدولية وكأننا نقر ونعترف أن هذا الحاجز خارج الجغرافيا والكثافة السكانية
الفلسطينية والضغط المروري الفلسطيني اولا واخيرا، ولم يعد كافيا طرح
السيناريوهات المسبقة لآلية حل هذه الازمة المرورية القاتلة في محيط حاجز
قلنديا الاحتلالي سبب وجوهر الازمة دون اسناد حقيقي على أعلى مستويات صناعة
القرار الفلسطيني لتحقيق هذه السيناريوهات للحل على ارض الواقع على قاعدة
جوهرية اساسية عنوانها :أن طريقنا من البيرة يقودنا فقط صوب القدس هذا هو
الطريق الرئيسي وفقط والبقية هي تفرعات عنه صوب جبع والرام.
لم يعد كافيا التصدي لما يقع من مخالفات في الابنية واعتداءات
على حرم الطريق ثانيا من خلال صياغة شعر الرثاء للحالة أو المقالات
والتقارير الصحفية التي تندب حظنا وتظهر قصر اليد تجاه ما يقع بايادينا في
كفر عقب وسميراميس وقلنديا، لا يعقل ان نعتقد للحظة انه ليس بالامكان افضل
مما كان يجب أن تكون هناك لطرف فلسطيني يد طولى في هذه المنطقة.
لم يعد احد معفيا من مسؤوليته شاء من شاء وابى من أبى سواء
منتخب أو معين أو فاعلا في القطاع الخاص ( لأن التجاوزات في الابنية
استثمار خاص ) أو فاعلا في المجتمع المدني على اختلاف منابرها وتخصصاتها،
لأن ما يحدث اليوم في هذه المنطقة سيترك اثارها السلبية سياسيا واقتصاديا
واجتماعيا وإسكانيا واستثمارا على المستقبل لهذه المنطقة.
مخطئ تماما من يعتقد أن تحسين الوضع من قبل السلطة الوطنية
الفلسطينية في محيط حاجز قلنديا الاحتلالي هو جزء من تحسين وضع الاحتلال
نفسه أو تحفيز لاستمرار بقاء الحاجز الاحتلالي، ولكن بما أننا نستخدم هذه
المنطقة يوميا لنمر منها يجب أن نمر بظروف تحفظ لنا كرامتنا ووقتنا
والتزاماتنا، وتمنع عنا إهدار اموالنا وتلويث البيئة من عوادم السيارات دون
مبرر.
مخطئ من ينسى أو يتناسى أن لنا مطارا في تلك المنطقة كان يسمى
مطار القدس الدولي، وهو لنا وحق مغتصب منا كشعب فلسطيني لن نقبل أن نستمر
بدونه، فكيف نحافظ على تلك المنطقة والمقومات دون أن نكون بثقلنا هناك من
أجل شعبنا ومن أجل مستقبلنا السياسي الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.
مخطئ من يتعاطى مع مسميات الاحتلال لتلك المنطقة، تلك المنطقة
ليست عطروت، بل هي قلنديا، ذاك الحاجز احتلالي يغتصب جزءا من ارضنا
ويفصلها عن بقية جغرافية الوطن ليس معبرا بالمطلق، على السائقين على خطوط
الباصات والتكسي العمومي والفوردات عدم استخدام مصطلح معبر على هذا الحاجز
الاحتلالي.
مخطئ من يعتقد أنه ذكي أو فهلوي أو سابق عصره عندما يعتدي في
البناء على حرم الطريق، وعندما يشوه المشهد المعماري في مناطق كفر عقب
وسميراميس وقلنديا ظنا منه أن تلك المنطقة ليست لأحد وخارج الجغرافية
الفلسطينية.
مخطئ أي مسؤول فلسطيني اذا اعتقد أن الاولوية لإنفاذ قانون
البناء والتنظيم والمخطط الهيكيلي في بقية الوطن هو عمل تنموي وطني ويغض
الطرف عن تلك المنطقة لأن حلا شموليا سيقع لها مستقبلا.
مخطئ كل فلسطيني يمر من هناك ولا يمارس مسؤوليته الوطنية والاجتماعية بعيدا عن الانضمام لمجموع الذين يعبرون عن حزنهم والسلام.
(غزة فوق النار)
لم تعد ردة الفعل الاعتيادية المكررة للاحتجاج على العدوان
المتواصل على قطاع غزة مقنعة، اذ باتت هناك مجموعة من متعهدي الرد على هذا
العدوان من خلال شعارات وعناوين فئوية منحازة بالكامل دون مراعاة لطبيعة
الحدث كون هذه الشعارات تستخدم في كل المناسبات وهدفها الاستفزاز وليس
التضامن مع قطاع غزة، وبالتالي بات المشهد معروفا لدى المواطنين
الفلسطينيين الذين يندفعون صوب ميدان المنارة في رام الله والبيرة للتعبير
عن غضبهم ضد العدوان وقتل المدنيين العزل، وفجأة يظهر هؤلاء ليبدؤوا
بهتافات عادية ومن ثم يديرون النار صوب قرص شعاراتهم الفئوية.
وطنيا لا يوجد مواطن فلسطيني الا ويقف ضد العدوان على قطاع
غزة ويريد أن يفعل شيئا ما ... ويريد أن ينهي الانقسام ويحقق الوحدة للوطن
... ولم يعد يرى أن هناك فرقا أو فواصل بينه وبين من يختلف معه سياسيا فهو
يتضامن مع قطاع غزة بكل مكوناته .... وطنيا لم يعد أي مواطن فلسطيني يرى ان
قطاع غزة في مكان بعيد عنه رغم الحصار الاحتلالي والانقسام.
salah@pcp.ps
تعليقات