
محدثي الموصوم بالموضوعية ضحك بملئ الفم عندما سئلت بصيغة الاستنتاج القاطع حول افق نجاح الحوار الوطني الشامل في تموز القادم؟ ... وعن الفرص الحقيقية لعقد المؤتمر الحركي السادس لفتح؟ فقال قلبك أبيض واستنتاجاتك لا تتلاءم مع درجة تنورك ومنطقية تفكيرك.
في ذكرى حرب حزيران ونكستها عام 1967 وبعد مرور 42 عاما على الاحتلال الإسرائيلي لأراضي ال 1967 وفي موقع أخر وفي حديث الناس وفي حديث الصحافة وفي حديث الأكاديمية لا أفق لحل سياسي قريب المنال فالوضع الفلسطيني في أسوء أحواله، الوضع العربي غير مؤهل لفرض رؤية، وهناك لاعبين رئيسيين في العالم وعلى المستوى الإقليمي عمليا لا يوجد لاعبين عرب في الساحة، الخلاف في القاهرة في ملف الحوار الوطني الشامل بات حول الصياغة اللغوية هذا ما افاد به مطلعون وانا (قلبي أبيض).
الحزب السياسي الفلسطيني أذا جاز التعبير هو الغائب الحاضر ففي معمعان البيانات حدث ولا حرج وفي معمعان التصريحات حدث ولا حرج وفي مجال الاجتماعات الموسعة والمصغرة حدث ولا حرج ولكن عندما تأتي لمستوى القيادة والفعل الجماهيري وعند التأثير في صناعة القرار والتأثير وايجاد الاستراتيجيات يغيب الحزب لصالح نخب الأكاديميين والباحثين والدارسين الذي يخلصون إلى استنتاجات وتصورات ورؤى ولكنها لا تمتلك الآليات في ظل غياب دور الحزب السياسي وتبنيها والتأثير من خلالها، ومن هنا نظل ندور في ذات الحلقة ونعمل على إعادة اختراع العجلة.
وفي هذا السياق اتفق تماما مع الرأي السائد في فتح أن خطأ قد وقع في نقل النقاش حول المؤتمر الحركي العام لفتح إلى القاعدة وهذا أمر فيه مخالفة كبيرة أذا ما اتفقنا أن الحزب السياسي هو في النهاية ليس ناديا ولا منتدى ثقافي يتم فيه تبادل الاراء وفذلكة القضايا، فالحزب في النهاية له هيئاته القيادية التي ترسم مساره وتقرر بناء على تفويض من القاعدة عبر الانتخاب استنادا إلى النظام الأساسي، وبالتالي فأن محاولة التأثير على رؤية فتح وبرامجها من خلال الرأي العام والمقالات واللقاءات المفتوحة والتصريحات الرنانة التي تدغدغ عواطف ومشاعر ابناء الجيران بالمعنى الواسع وهي تصريحات غير مدوزنة هو عمل ولكنه لا علاقة له بالعمل الحزبي بأي شكل من الأشكال، فالحزبي هو من يؤثر من خلال أطر وهيئات الحزب الذي ينتمي له وليس من بلكونة الجيران.
المهم لم يغمض لي جفن منذ الحديث مع محدثي حتى اللحظة وأنا أفكر في حالة انسداد الأفق وانعدام القدرة على التأثير ولا ادعي أنني مفكرا ولا باحثا ولا منقبا ولا مدمن حضور مؤتمرات وورشات عمل كما يعرف البعض عن نفسه.
ومساء اليوم التالي توجهت صوب شمال الضفة الغربية فوجدت حاجز عطارة قد أصبح في خبر كان، وحاجز حوارة سهل ممتنع، وفي طريقي إلى طولكرم وجدت دورية عسكرية يقودها ضابط يقف ليدل الناس على طريق الكفريات بديلا عن عنبتا بسبب تطويرات في حاجز عنبتا وتحديثات، الجمع معي في السيارة قالوا هذه بشائر (السلام الاقتصادي) وبدؤا مهارة التنظير والتحليل حول رؤية الليكود للحل ، ورؤية كاديما والعمل والمقارنات التي تتمتع برؤية نظرية بحتة، قلت ليت أحزابنا وحركاتنا لديها من الوضوح الكافي لكي تتحدث عن نفسها وتطرح رؤيتها قيتناولها الرأي العام بالبحث والتحليل كما يغرقون في تحليل السياسة الإسرائيلية ورؤية احزابها، وكذا السياسة الأميركية.
محدثي الأخر الصديق القديم (ابو حسام) وبعد اتصال هاتفي أصر على الحضور إلى المقهى الشعبي الذي ارتاد وبدأ الحديث بين سلام وسؤال عن الحال والأحوال، وفي السياق تناقشنا حول موقفي من ضرورة تنظيف السوق الفلسطيني من منتجات المستوطنات، ولم يكن جوابه قلبك أبيض بل كان مشجعا ومحفزا وناصحا.
فشعرت أن الملف الاقتصادي حتى ولو كنا نتحدث عن اقتصاد فلسطيني غير مستقر يعاني من تشوهات جراء ممارسات الاحتلال الا أن الأنجاز فيه واضح المعالم ذا أثار تنموية وعوامل تعزيز الصمود على المدى القصير والبعيد المدى، وهو بعكس السياسة التي تارة يخوض غمارها ساسة يفتون ويقولون ومن ثم يعلنون أنهم غير مؤثرين، ويخوض غمارها حزبيين سابقين يؤكدون انهم سابقين أكثر من تقديمهم للفكرة التي سيقولون، ويخوض غمارها عدد من الذين يمسكون العصا من النصف ويحرصون على الظهور بهذا المظهر بين كل كلمة وكلمة يقولونها أو يكتبونها.
مساء دعيت من قبل اقتصاديين للقاء وفد خبراء دوليين في المواضيع الاقتصادية يسعون لدراسة واقع السوق والمؤثرات السلبية حوله والاستيراد والتصدير وموقف المستهلك الفلسطيني من المنتجات الفلسطينية، تحدثت حول عديد النقاط والمعطيات، وفي النهاية سئلت من قبل الخبراء لماذا ذهبت صوب القضايا الاقتصادية فقلت أن السياسة ميدان واسع له رواده وله محتكريه وله الراغبين بصعود سلم المجد فيه، أم الاقتصاد وحماية حقوق المستهلك وتشجيع المنتجات الفلسطينية موضوع بكر وله اثار تنموية واضحة، وأن حقق أنجازا فيه سيكون له اثار على السياسة والاجتماع والثقافة والاستراتيجية والتكتيك والمفاوضات ومسار الصمود.
ظلت كلمات الصديق القديم (ابو حسام ) تجول في خاطري وبدأت اتمنى في لحظات ما بين الوعي والمغالبة للنعاس ويقال أنها أصدق اللحظات وأعلى درجات الحلم أن أصحو صباحا فأجد المنشيت العريض في الصحافة الفلسطينية ( الحكومة الفلسطينية تقرر مقاطعة منتجات المستوطنات في السوق الفلسطيني تحت طائلة المسؤولية وذلك ضمن أطار قانوني ) ......
فجاءتني ابنتي تشدد علي أن اعطيها افكارا رئيسية لكتابة موضوع تعبير أما حول (القدس عاصمة الثقافة العربية 2009) أو ( ضرورة نجاح الحوار الوطني في القاهرة ) ابتسمت وقلت قلبك وقلب معلمتك أبيض حليب.....
محدثي الثالث التقيته وبات يندب حظ مدينته بعد الانتحابات وكيف أن مدينة كبيرة ذات استثمارات عالية لم تشهد تطورا يذكر على مدار السنوات الأربعة الماضية الا قليل، وهي بصدد التحول إلى درجة ما هو أقل من مدينة.
المؤسف أن كل حكومة فلسطينية جديدة تقدم خطة 100 يوم لعمل كل وزارة، وترسم خطة تنموية، وتظل تحت المجهر من قبل الجمهور، عديد البلديات المنتخبة لم تعتبر من هذه التجربة وبقيت بمعزل عن الخطة والرؤية، وظلت ضمن إجراءات تقليدية يستطيع أن يقوم بها شيخ حارة بطريقة أفضل، فهي ترصد كل شبر من أصلاح واجهة متجر جديد بحجة التربص له ريثما يبرز قليلا عن المساحة المحددة له فتأتي السيارة الطائرة لتقول له (كمشناك) وتصبح القصة قضية بطولة فردية لمراق في هذه البلدية، ومن ثم يطال هذا الأسلوب بناية يتوقع المراقب المقدام أن صاخبها سيحول مواقف السيارات إلى استخدام أخر وأذا أقسم صاحب البناية فلا يمين له، وأذا أثبت لا ميثاق له.
جميع هذه الأسالبيب هي في النهاية سياسات ستكون نتيجتها تطفيش المستثمر والاستثمار وعلى المدينة السلام.
اعتقد أن وزارة الحكم المحلي مطالبة اليوم برقابة أشد على تلك البلديات بعد تراكم الشكاوي من المواطنين وفي مرحلة الشكوى الداخلية من الموظفين لوضع الأمور على السكة ضمن القانون وليس ضمن مزاجية مراقب أو سكرتير بلدية أو مدير قسم في تلك البلدية.
تعليقات