التخطي إلى المحتوى الرئيسي

اليوم التالي للانفصال عن غزة >>> بقلـم : صلاح هنية


حتماً سيكون الـمشهد في غزة في اليوم الذي سيلي الانفصال عن غزة مختلفا تماما، ستخرج الجموع إلى الشوارع للاحتفال، ولكل سببه ومبرره بالاحتفال، لكن الاحتفال وارد لا محالة، ومن الواضح أن تلك اللحظة أو اليوم التالي هو اليوم الذي ستسلط عليه الأضواء من قبل الإعلام العالـمي، وستبحث الأضواء عما هو غير عادي من منطلق السبق الصحافي، وستحمل الأمور ما لا تحتمل.
القضية باختصار شديد تتعلق بما نريده نحن أساسا؟ وكيف سيكون عليه الحال في اليوم التالي؟
من الطبيعي أن يبالغ الإعلام الإسرائيلي والعالـمي الأجنبي في آثار الحدث وتداعياته بصورة تبدو سلبية، وستبني عليه استنتاجات، فالخطاب الإعلامي الإسرائيلي عموما ذو توجه محوره (أن الخروج من غزة لـم يكن تحت إطلاق النار ويجب ألا يكون) وأن (الخطوة القادمة لن تكون في الضفة الغربية والقدس) وأن (لا تفاوض على التجمعات الاستيطانية ولا القدس ولا اللاجئين).
على صعيد الفضائيات العربية ولكون الساحة الفلسطينية مفتوحة إعلاميا لتتم محاورة من تشاء الفضائيات أن تحاوره، ويتحكم رئيس تحرير النشرة الإخبارية بما يتم نشره وما يتم رفضه، فهو ذاته الذي يسمح بنشر تقرير اخباري عن قضية عامة وتظهر جانبا واحدا من الصورة بهدف يعبر عن مكنونات توجه الفضائية وسياستها، وفي الوقت ذاته تستضيف متحدثا عبر الهواء مباشرة ليعقب على التقرير بصورة تضعه في وضع محرج بعد أن يكون الـمشاهدون قد عبئوا عبر التقرير ويستخفون بكلام الـمستضاف للحديث. أما الإعلام الأجنبي الـمكتوب فحدّث ولا حرج.
فلسطينياً، يتم التعامل إعلاميا مع اليوم التالي بمزيد من الحذر، على مستوى شاشتنا الصغيرة التي حدثت وطورت حديثا، يتم التعاطي مع الأمر بمزيد من الحذر سواء على صعيد الـمبالغة في قضية الألغام التي قد تكون قد زرعت في الـمستوطنات، والتركيز على (علـم واحد وطن واحد)، وتصريحات ولقاءات حول الـموضوع. أما الإعلام الـمكتوب فهو يتعاطى بذات الحذر سواء على مستوى كتاب الأعمدة والـمقالات أو من خلال العناوين الحذرة، ولا يتم التعرض لقضايا تتعلق بأولويات الرأي العام الفلسطيني في غزة.
عمليا الصوت الـمسيطر على الساحة اليوم والأكثر استماعا لاتساع رقعة بثه هو الصوت الذي يبالغ في تفصيل معالـم مصيبة قادمة على الصعيد الفلسطيني الداخلي بإراقة الدم الفلسطيني من جهة، والتفنن في تصوير العمال الفلسطينيين وكأنهم يبكون بحرقة على الـمستوطنات التي ستذهب عن أرض غزة كونها مصدر رزقهم في العمل، وهذا أمر غير دقيق لأن عمالنا أرفع من ذلك بكثير، ويجب التروي بالحكم عليهم وعلى موقفهم ويجب أن ينبري اتحادهم بإعادة الاعتبار لصورة عمالنا التي شوّهت عبر هذا الصوت إعلامياً وتنظيرياً، وهذا الصوت يجد له منابره ويعكس نفسه في الإعلام العالـمي، ما دفع الإعلام للبحث عن تقارير تؤيد هذا التوجه، وله مراسلوه الـمتنقلون يبثون عبر الهاتف النقال وعبر الحوار الـمباشر مع مبالغة وتهويل.
وهناك توجه آخر فلسطيني لكنه ليس بارزا ولا صاعدا إعلاميا بصورة كبيرة ومحور هذا التوجه (لا تبالغوا في التفاؤل حتى لا تحبطوا) وأصحاب هذا التوجه ينطلقون من تخوف كبير على مستقبل القدس وبقية الضفة الغربية، مـن خلال تسمين الـمستوطنات وجدار الفصل ومصادرة الأراضي والتحكم بمصادر الـمياه، توجه تحكمه ضرورة عدم الـمبالغة في موضوع غزة على حساب سياسة إسرائيلية استيطانية في القدس وبقية الضفة الغربية.
أصحاب هذا التوجه في غالبيتهم أكاديميون وخبراء في ملف الاستيطان والجدار ومتقاعدون سياسيون من فصائلهم، وصوتهم من الطبيعي غير مسموع وغير مؤثر.
حقيقة الأمر ... أن اليوم التالي سيشهد احتفالاً بلا حدود من كافة فئات الـمجتمع.
حقيقة الأمر ... أن أحداً لن يسجل على نفسه عار الـمشاركة أو الإشارة أو التلـميح بإراقة قطرة دم فلسطينية في اليوم التالي.
حقيقة الأمر ... أن أحداً لن يساهم ولن يقبل أن تكون غزة أخيراً ولا أن يكون صباح اليوم التالي تنفيذاً للسياسة الإسرائيلية في القدس وبقية الضفة الغربية نحو الـمزيد من الاستيطان والجدار ولاءات التفاوض على القدس واللاجئين.
حقيقة الأمر أن الـمستثمرين الجدد والشركات الـمساهمة حديثة التأسيس ستكون لها صولات وجولات، وحقاً أن أخاً عزيزاً قال لي في هذا الـمجال (سارح والناس مروحة)0
تاريخ نشر المقال 20 آب 2005

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

د. اشتية يصادق على إحالة ثلاث عطاءات لإنشاء مدارس في يعبد وبيت سوريك وشمال الخليل

صادق الدكتور محمد اشتية وزير الأشغال العامة والإسكان على إحالة ثلاثة عطاءات على المقاولين لمباشرة الأعمال فيها وذلك لإنشاء مدارس بتكلفة بلغت 2 مليون و470 ألف دولار. ووافق الوزير اشتية على إحالة عطاءات لإنشاء ثلاثة مدارس الأول هو إنشاء مدرسة يعبد الثانوية للبنين في جنين بتكلفة 997 ألف دولار بتمويل من وزارة المالية، والثاني هو مشروع إنشاء مدرسة بيت سوريك الأساسية للبنات في الرام بتكلفة 765 ألف دولار مولها المصرف العربي للتنمية-أفريقيا والثالث هو إنشاء مدرسة الدوارة الثانوية للبنين في الخليل بتكلفة مقدارها 765 ألف دولار بتمويل من المصرف العربي للتنمية-أفريقيا. وأشار د. اشتية إلى بناء المدارس ينبع من حرص الوزارة على خلق ظروف تعليمية أفضل للطلبة حيث قال: "يأتي اهتمامنا بالتعليم في فلسطين كونه يعتبر رافعة للفقر ووسيلة لجسر الهوة بين التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع الفلسطيني وأداة للنهوض الاقتصادي وهو إثبات للهوية لأنه أداة لمواجهة المشروع الهادف إلى محو الكينونة الفلسطينية". وأضاف: "كل هذه العوامل تجعلنا مصممين على إنشاء المدارس وترسيخ الوعي بأهمية التعليم ودوره ف...

الصديق (هشام)والتنوع الايجابي بقلم صلاح هنية

20.08.11 - 22:27 الصديق ( هشام ) كان معنا هو وزوجته ( سمر)في الامسية الرمضانية الاقتصادية التي نظمتها جمعية حماية المستهلك الفلسطيني في محافظة رام الله والبيرة وفي ذات الوقت كان بقية افراد الاسرة منتشرين في المدينة ( رام الله ) بين نشاط ثقافي في المحكمة العثمانية، وأخر في قصر الثقافة، ومحمود وأحمد اثرا البقاء في البيت على قاعدة ( زاهي وهبة )، باختصار تلك هي الاسرة الفلسطينية النووية التي تسكن رام الله هكذا بالغالب توزع اهتماماته، بينما كان الصديق معنا بكل جوارحه حيث انحاز لأمسيتنا ولملف حماية المستهلك. في الجزء الأخر من المدينة كان الحال مختلفا هناك من يرغب بسهرة رمضانية ( فايعة) بين متابعة مباراة كرة قدم، أو لعبة مسابقات في مطعم ومتنزه في المدينة، أو متابعة مسلسل (الزعيم )على شاشة كبيرة تعويضا عن انتهاء (باب الحارة). شخصيا لن أطلب من اية جهة قضائية منع السهر في المدينة ولا حجب امكانيات برامج المسابقات التي تنظم في مطعا هنا أو هناك، ولن اطلب من أمانة سر المجلس الثوري لفتح أن تتدخل في الأمر سلبا أو ايجابا. شخصيا لن أطلب من أمام مسجد الحي أن يقول عنهم أي شيء لكني احثه أن يحافظ على زخ...

لقدس ........ما بين أعلامها ومكانها ورؤى فلسطينية ... بقلم: صلاح هنية

القدس معركة يسعى الاحتلال جاهدا إلى حسمها ولكنه لم يتمكن لغاية هذه اللحظة من حسما كليا ؟؟؟؟؟ مقبلات بداية الزيارة إلى القدس بعد عامين من الغياب القصري، عامان تغيب خلالهما عن أي مكان في العالم وتعود إليه قد تجد أن تقدما ما قد وقع، لكن القدس أمر مختلف جذريا؛ فهي تتغير ولكن بشكل خطير ومقلق على المستوى السياسي والوطني والاجتماعي والاقتصادي والعاطفي والوجداني والأخلاقي. القدس اليوم ليست مثلما كانت قبل عامين، وهي لم تكن قبل عامين مثلما كانت عليه قبل عامين مضيا على ذلك التاريخ. باختصار ما يقع في القدس اليوم هو تسارع محموم باتجاه محو تراث وتاريخ وحضور إنساني واسع وذكريات وأماكن وقصره بأدوات غير شرعية على ما يريده المحتّل وتغييب كل الشواهد الباقية عبر الدهر. وهذا التغيير واضح أنه عشوائي تدميري فقط لأظهار عناصر القوة أن الاحتلال يستطيع. فالقطار الخفيف ليس هدفا تنمويا ولا تطويريا ولا يحزنون، بل هو أعلان أن بلدوزرات الاحتلال من طراز كتربلير تضرب الأرض تحت أقدامنا لتقول أننا هنا قوة احتلالية تغير كما تشاء. ...