التخطي إلى المحتوى الرئيسي

ما بين حكومتان: لا على الشاطئ ولا في البحر ..... بقلم: صلاح هنية

أكثر ما أكره في غمرة روتين الحياة مسألتين: الأولى شخصية، وتتمثّل بالإصابة بسعال وزكام وبالتالي الحرمان من متعة الأرجيلة في المقهى الشعبي الذي أحب، خصوصا عندما يكثر الأحبة والأصدقاء في تلك المرحلة، الذين يهاتفون ويهتفون ويدعون ويكرمون، وبعد أن قاطعني الطبيب غير الممارس منذ اربعة أسابيع عقابا لي على كوني تحولت إلى مجالسة السفراء وممثلي الدول في الفترة الأخيرة. والثانية تتمثل في المراحل الانتقالية سواء ما تمخض عما هو انتقالي من اعلان المبادئ في أوسلو، أو ما بين حكومة فلسطينية وأخرى حيث تكثر التوقعات ويصبح جميع الشعب الفلسطيني، أو أصحاب حق التصويت منه مرشحا لموقع وزير فما فوق، ويحضر الذين يعتبرون أنفسهم مؤهلين للموقع، أو أن الموقع قد فصّل أصلا على مقاسهم، من خارج الوطن لطرح سيرتهم وسيرورتهم وصيرورتهم الذاتية بقوة، وتتحول الكوتة النسائية إلى قضية ومصطلحات الشفافية والمساءلة والمستقلين والانتماء الديني رائجة دافعة بالماركات العالمية إلى التنحي جانبا في حين تصبح مواقع الصخب الإعلامي محببة لدى العديدين، وتصبح لغة العصر والحواسيب المحمولة والخوض في قضايا التنمية والاستراتيجيات مهمة للبعض من أجل طرح أنفسهم بقوة.

لا أطيق الإعلام في مرحلة ما بين حكومتين، حيث لا تعود هناك مساحة للهواة أمثالي ليرسلوا خبرا أو تقريرا أو تعقيبا، إذ تضيق الصحف ذرعا بي وبأمثالي، فما بالك بالمواقع الإلكترونية التي تصبح أكثر ضيقا. إنها، والحق يقال مرحلة علاقات عامة باحتراف تجند لها طاقات وخبرات وبدلات وربطات عنق وندوات ولقاءات وتتجاوب وسائل الإعلام مع المسألة ويصبح الصحفي الحريص على المهنية رجل علاقات عامة عن قصد أو عن غير قصد.

لا أطيق كلمة ( الحكم الرشيد ) في هذه المرحلة الانتقالية؛ فهي في الغالب مرحلة استعجال قد يطال فيها الخير من يطال ويحجب الخير عن البعض، وتصبح الإدارة أحجية تجرّ أذيالها من توقع إلى أشاعة إلى حقيقة يبخها مطّلع على الأمور في وجهك ما بين حكومة وحكومةولأنني على ثقة عالية جدا بقرارات الحكومة الحالية فقد وضعت يدي في مياه باردة بعد صدور قرار مجلس الوزراء بوقف التعينات والترقيات منذ 8/3/2009 وقلت لكل من سولت له نفسه الاعتقاد أن هذه المرحلة سيمر فيها العديد من القرارات: "مستحيل مستحيل"، إذ أن هناك ضمانة أكيدة في مجلس الوزراء ألا هو الدكتور سلام فياض الذي لم يقل يوما شيئا ولم يفعله، والله على ما أقول شهيد أنني وثقت ولا اجامل. الذين تحدوني بثقتي شبه العمياء هذه جاؤا لي بقصصات من زاوية اجتماعيات في الصحافة الفلسطينية تحمل تهنئة لترقيات جديدة، فأجبت أن هذه الترقيات صدرت سابقا وكانت بحاجة لقرار سيادة الرئيس محمود عباس، فردوا علي (كأنك كاين برى البلاد، قلبك ابيض).

جعلت هاتفي الجوال وسيلتي الوحيدة للتعبير عن غضبي محاولا إشراك أخرين في غضبي فوجدتهم يملكون تراثا من الغضب ولا يملكون نفسا لإحداث قطيعة معه. قلت وأنا مالي دعوني أكون مواطنا على هامش الحدث ومصدرا للإشاعات وجلسات الكولسة رديئة الجودة ولا تمتلك علامة الجودة وهذه قضايا رائجة اليوم وهي خير وسيلة للتفريغ بدلا من إهدار المال في مراكز اللياقة البدنية والمساج.

في المرحلة الانتقالية تظهر تراكمات اقتصادية لا تجد من يتصدى لها حتى أن أصحابها باتوا يطرحوها على كل من يعتقدون أنه ذا شأن (الملف الاقتصادي) حافل بالقضايا التي لا تستطيع وسائل الإعلام تغطيتها ولا المواقع الإلكترونية ولكن أن تعايش واقع معاناة الصناعيين والتجار ورجال الأعمال فهذا أمر أخر لا تتسع له أجزاء الموسوعة المعرفية، في هذه المرحلة القطاع الخاص الفلسطيني في قطاع غزة مدمر ويعاني الأمرين ويحتاج إلى خطوة من الحكومة الفلسطينية الا أن الكل متفق على أنه مدمر ومحروم من المواد الخام و من الأسواق، حتى أن بعض رجال الأعمال من قطاع غزة قالوا لي أن تقدير حجم الخسائر الذي صدر مؤخرا أقل بكثير من الواقع وأشاروا إلى أسماء مصانع حجم خسائرها من الأضرار المباشرة بعد العدوان تصل إلى 300 الف دولار.
معاناة القطاع الخاص الفلسطيني في الضفة الغربية الذي حرم سوق القدس المحتلة وسوق قطاع غزة وقطعت أوصال الضفة الغربية وبات الوصول من مدينة إلى مدينة بحاجة إلى لوجستيات عالية، هذا عدا عن معاناة الاستيراد والتصدير، ومعاناة المعابر لوحدها ملف حتاج إلى وزارة اختصاص، ومن الواضخ أن التعاطي مع موضوع المعابر بات تعاطي مع أمر واقع قائم وبالتالي علينا التفكير بآليات لأفضل سبل التعاطي معها.
معاناة القطاع الزراعي الفلسطيني مع الأرض مصدر الرزق من خلال الاستيطان والجدار والسيطرة الإسرائيلية على الموارد الطبيعية وأهمها المياه ومحدودية الأسواق والحصار.

يا رب اعفو عنا وعافنا من أثار المراحل الانتقالية التي نمر بها ونعيشها طوعا وكراهية سرا وعلانية.
خاتمة كلامي إلى دولة رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض .....
شخصيا ثقتي لن تتزعزع بقدراتكم ولكنني أخاف عليكم وعلى ما تبقى من الوطن أكثر أن تمر المرحلة الانتقالية بين حكومة وحكومة كما مرت ما بين الحكومات السابقة، بالله عليك أن تبقى قابضا على جمرة (الحكم الرشيد) و (الأصلاح الإداري) و (معايير الكفاءة والمهنية) لقد حققتم نقلة نوعية تستحق التقدير بغض النظر عن ما رافق هذه المرحلة من تحديات استطعتم الوقوف امامها أم لم تستطيعوا ولكنكم اجتهدتم، وعليه لا تتركوا السفينة تسير بلا ربان في المياه العاتية لهذه هذه المرحلة الانتقالية الحساسة.

خاتمة كلامي إلى حركة التحرير الوطني الفلسطيني – فتح .....
أبناء فتح: كنت ولا زلتم الأدوات الرئيسية في وزارات وهيئات السلطة الوطنية الفلسطينية وبالتالي غالبيتكم اليوم صناع قرار. نستحلفكم بالله ومن ثم بدماء الشهداء أن تكونوا عونا لهذه الحكومة التي خطّت سطورا في التطوير الأداري أن تعملوا على ترشيد القرار الأداري وأن تدعوا هذه المرحلة الانتقالية ما بين الحكومتين تمر، ليس جريا على العادة الفلسطينية المعهودة، والجمعة المشمشية وفتّح عينك توكل ملبن، بل ما حك جلدك مثل ظفرك، وإن لم تقم بالعبىء فمن يقم به إذا؟ ودعوا الحقوق تعود لأصحابها.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الصديق (هشام)والتنوع الايجابي بقلم صلاح هنية

20.08.11 - 22:27 الصديق ( هشام ) كان معنا هو وزوجته ( سمر)في الامسية الرمضانية الاقتصادية التي نظمتها جمعية حماية المستهلك الفلسطيني في محافظة رام الله والبيرة وفي ذات الوقت كان بقية افراد الاسرة منتشرين في المدينة ( رام الله ) بين نشاط ثقافي في المحكمة العثمانية، وأخر في قصر الثقافة، ومحمود وأحمد اثرا البقاء في البيت على قاعدة ( زاهي وهبة )، باختصار تلك هي الاسرة الفلسطينية النووية التي تسكن رام الله هكذا بالغالب توزع اهتماماته، بينما كان الصديق معنا بكل جوارحه حيث انحاز لأمسيتنا ولملف حماية المستهلك. في الجزء الأخر من المدينة كان الحال مختلفا هناك من يرغب بسهرة رمضانية ( فايعة) بين متابعة مباراة كرة قدم، أو لعبة مسابقات في مطعم ومتنزه في المدينة، أو متابعة مسلسل (الزعيم )على شاشة كبيرة تعويضا عن انتهاء (باب الحارة). شخصيا لن أطلب من اية جهة قضائية منع السهر في المدينة ولا حجب امكانيات برامج المسابقات التي تنظم في مطعا هنا أو هناك، ولن اطلب من أمانة سر المجلس الثوري لفتح أن تتدخل في الأمر سلبا أو ايجابا. شخصيا لن أطلب من أمام مسجد الحي أن يقول عنهم أي شيء لكني احثه أن يحافظ على زخ...

Organize better meetings by NOI

Dec 5, 2011 If you're spending too much time in meetings where little seems to get accomplished, try these four rules to make over your meeting habits: Always have an agenda. And when something comes up that isn't on the agenda, decide on the spot if it's truly important enough to displace another topic (usually it won't be, but sometimes it will be). If it's not, then say, "Let's put that on the agenda for another time" and move the conversation back to what you're there to discuss. Announce at the start what you'd like the take-aways to be. For instance, you might announce that at the beginning, "We have one hour to cover A, B, and C.At the end of this meeting, I'm hoping we'll have ___." Create actions and assign responsibility. At the end of the meeting, make sure the conversation has been translated into action items, and that each action item has a clear owner. Separate group meetings and 1-to-1 check-ins. Group meetings...

معهد السياسات العامة-IPP يصدر العدد السادس من "فصلية سياسات"

صدر حديثا عن "معهد السياسات العامة" برام الله، العدد السادس من فصلية "سياسات"، يقع في 160 صفحة ويتناول مجموعة من القضايا والمفاهيم المحلية والعربية، تندرج في دائرة تعميق فهم الحال الفلسطيني وما انتهى إليه بحثاً عن المخارج الممكنة. ففي العدد يكتب الباحث طلال أبور ركبة من مركز رام الله لدراسات حقوق الإنسان حول أزمة الديمقراطية العربية وتعثر المشروع الديمقراطي العربي بسبب عثرات داخلية تتعلق بالسياسية العربية ذاتها أو بالتدخل الخارجي. وضمن نفس الاتجاه يكتب الباحث محمد حجازي حول الإسلام السياسي والعملية الديمقراطية: فلسطين نموذجاً. ويقدم الباحث محمد أبو دقة دراسة مطولة حول أزمة التمثيل الفلسطيني بين منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية. في زاوية المقالات يكتب الدكتور واصل أبو يوسف، أمين عام جبهة التحرير الفلسطينية حول الحال الفلسطيني داعياً إلى إعطاء أولوية لإعادة لحمة الوطن ولتفعيل منظمة التحرير ولتقييم مسار المفاوضات. كما يكتب هشام أبو غوش، عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين حول قرارت المجلس المركزي الأخيرة منوهاً إلى أهميتها في تعزيز ش...