التخطي إلى المحتوى الرئيسي

بصراحة مع القادة والناطقين والإعلام على هامش العدوان على غزة .... بقلم: صلاح هنية

كان العجوز التسعيني يركز ذقنه على عصاه التي تسنده وهو جالس في حارته في المخيم يتابع أخبار غزة والعدوان تنهد العجوز طويلا وقال (ما اشبه الأمس باليوم كنا نخوض المواجهات والاضرابات ولكننا كنا منقسمين على انفسنا واليوم الحال هو ذات الحال) ....
لسان حال هذا العجوز لا يختلف بتاتتا عن لسان حال الرأي العام الفلسطيني الذي يتابع بأسى تطورات العدوان على غزة فيقفز إلى الذهن فورا معادلة وقف العدوان مرهون تماما بانهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية الشاملة ..... ولا يختلف عن لسان حال الشارع العربي الذي خرج للتضامن مع الشعب الفلسطيني في وجه العدوان في اليمن كان الصوت مرتفعا باتجاه الوحدة وفي كل بلاد التضامن مع الشعب الفلسطيني .....
وظل يقال الشيطان في التفاصيل ... والمصيبة وفي ظل الصدمة العارمة التي اجتاحت كل فلسطيني صباح السبت الماضي وهو يتابع العدوان على غزة في بدايته وعدد الشهداء والجرحى وكانت العيون صوب الوحدة والاصطفاف في خندق واحد، خرج علينا المتعصبين والذين لا يرون الا تنظيمهم وذاتهم ليس الا بتعليقات لم تكن مستوعبة في ظل الصدمة، فحوى هذه التعليقات اجترار شعارات ما قبل العدوان ومناكفات ما قبل العدوان .....
ونظل نقول من لا يعمل لا يخطئ .... الشابة ابنة أواسط العشرينات صرخت على والدتها أن تفتح التلفاز على (الجزيرة) فور متابعتها على الانتيرنيت خبر بداية العدوان السبت الماضي، ومن تلك اللحظة والتلفاز لم يتغير مؤشره عن (الجزيرة) .... ربة المنزل كان تنتقد بموضوعية ولكنها تنتقد من يظهر على الشاشة خصوصا أولئك المتعصبين ايديولوجيا وتنظيميا وخارج ساحة العدوان وهم من الصف الأول قياديا وكأن بورصة الدم الفلسطيني الطاهر مسرحا لخطب ارتجالية وعنترية وتشهيرية، ربة المنزل استذكرت فورا الشهيد ياسر عرفات وقالت كيف كان في عدوان 2002 يتحدث بلسان فلسطيني صرف ويخاطب الجميع ويعبر عن الجميع عن الكل الفلسطيني والعربي ....
المهندسة الشابة أدارت المؤشر صوب فضائية فلسطين وتابعت فسمعت أحدهم يقول أن حماس تمنع الجرحى من غير حماس من الدخول إلى المشافي، قالت لا يوجد متسع من الوقت للفرز والمنع ... وكررت الشيطان في التفاصيل ....
الخبير الإعلامي قال تطبيق عملي ل (دور الإعلام في المعركة) وهذه تجربة غنية للتوثيق والتقييم مهنيا بعيدا عن الإعلام الحزبي، بالامكان ان تعاتب كل فضائية على قاعدة درجة حياديتها، ولكنك لا تستطيع أن تمنع أحد من أن يقول رأيه بعيدا عن التجريح والتشهير والتكفير والتخوين، والحيادية عادة ما تكون كمن يمشي على حافة شفرة خصوصا في الأوضاع الساخنة ...
وهنا لا ابرئ ساحة جزيرة قطر ولا ابرئ ساحة فضائية فلسطين ولا ابرئ ساحة الناطقين والمتحدثين فالجميع يمتلك موقف ويوجه الرأي العام باتجاه موقفه ولكن هذا جميعه يجب أن يراعي الموضوعية والأسس المهنية للعمل الإعلامي وأخلاقيات المهنة، لا يعقل أن يتحول الإعلام منبرا للشتم والردح ....
باختصار ومن خلال المتابعة لدور الإعلام وجدت أن الرأي العام الفلسطيني انقسم تجاه أداء الإعلام في العدوان وتأثيره وبات مندمجا مع هذه القضية أكثر من العدوان كجريمة حرب والحالات الإنسانية واستمرار العدوان والتبشير بأمكانية تطوره، وبات يقييم ويتعصب لفضائية دون غيرها ويتعصب ضد فضائية دون غيرها.
باختصار نحن أمام متغيرات دراماتيكية في ظل العدوان على غزة ابرزها أن هذه هي المواجهة الأولى التي يغيب عنها ياسر عرفات وهذا أهم متغيرات الساحة الفلسطينية حيث غابت بغيابه الكرزمة والماكنة الإعلامية والخطاب الإنساني وبغيابه غابت أداة رئيسية من أدوات الضغط وامتلاك أوراق المعركة. وحتى لا أكرر نفسي وأصبح مملا فلن اتحدث عن الانتخابات الإسرائيلية، والإدارة الأميركية الجديدة، والموقف الأوروبي التابع للولايات المتحدة، والضعف العربي وتراج أمكانيات التأثير لديه.
باختصار لم تستطع منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح ولو كنت في مركز صنع القرار في كلاهما أو أحداهما لبادرت فورا إلى أرسال وفدا فتحاويا من اللجنة المركزية والمجلس الثوري وكتلة فتح البرلمانية إلى ساحة المواجهة في غزة، ودعوا حماس تمنعهم أو تعتقلهم، ولكن أولئك يجب أن يكونوا هناك ليقفوا في الميدان ويساندوا ابناء شعبنا في غزة ويمنحوهم دفعة معنوية .
باختصار لم تستطع مؤسسات القطاع الخاص الفلسطيني ولا النقابات ولا مؤسسات المجتمع المدني من التقاط المسألة والمبادرة إلى فعل حقيقي يساهم في وقف العدوان، ولو حشد القطاع الخاص طاقاته كما حشد لمؤتمر فلسطين للاستثمار – ملتقى لندن لاستطاع على الأقل نحريك نظرائه في العالم ولأثر ايجابيا على تحريك معركة وقف العدوان.
باختصار لو أن الملفات النسوية التي تعاملت مع قضايا النوع الاجتماعي – الجندر والفعاليات التي عقدت من أجل دعم وتقوية المرأة الفلسطينية بذل 10% منها في سبيل وقف العدوان على غزة لكانت النسبة هائلة مقارنة بعدد مؤسسات المرآة في فلسطين التي تتعاطى مع قضايا النوع الاجتماعي والعنف ضد المرآة.
باختصار لو أن تحالف المنظمات المناهضة لعقوبة الأعدام مع بقية منظمات حقوق الإنسان مع عمداء كليات الحقوق في الجامعات الفلسطينية بذل 5% من الجهد الذي بذل على مناهضة عقوبة الأعدام لاختلف الأمر في مسار وقف العدوان على غزة.
باختصار لو أن خبراء العلاقات العامة ومدرائها ومسؤوليها في المؤسسات مع أصحاب مواقع الانتيرنيت مع أصحاب المدونات بذلوا جهدا باتجاه الحشد من أجل وقف العدوان لحققوا شيئا على المسار.
باختصار أن (لو) تفتح باب الشيطان .....

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

د. اشتية يصادق على إحالة ثلاث عطاءات لإنشاء مدارس في يعبد وبيت سوريك وشمال الخليل

صادق الدكتور محمد اشتية وزير الأشغال العامة والإسكان على إحالة ثلاثة عطاءات على المقاولين لمباشرة الأعمال فيها وذلك لإنشاء مدارس بتكلفة بلغت 2 مليون و470 ألف دولار. ووافق الوزير اشتية على إحالة عطاءات لإنشاء ثلاثة مدارس الأول هو إنشاء مدرسة يعبد الثانوية للبنين في جنين بتكلفة 997 ألف دولار بتمويل من وزارة المالية، والثاني هو مشروع إنشاء مدرسة بيت سوريك الأساسية للبنات في الرام بتكلفة 765 ألف دولار مولها المصرف العربي للتنمية-أفريقيا والثالث هو إنشاء مدرسة الدوارة الثانوية للبنين في الخليل بتكلفة مقدارها 765 ألف دولار بتمويل من المصرف العربي للتنمية-أفريقيا. وأشار د. اشتية إلى بناء المدارس ينبع من حرص الوزارة على خلق ظروف تعليمية أفضل للطلبة حيث قال: "يأتي اهتمامنا بالتعليم في فلسطين كونه يعتبر رافعة للفقر ووسيلة لجسر الهوة بين التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع الفلسطيني وأداة للنهوض الاقتصادي وهو إثبات للهوية لأنه أداة لمواجهة المشروع الهادف إلى محو الكينونة الفلسطينية". وأضاف: "كل هذه العوامل تجعلنا مصممين على إنشاء المدارس وترسيخ الوعي بأهمية التعليم ودوره ف...

الصديق (هشام)والتنوع الايجابي بقلم صلاح هنية

20.08.11 - 22:27 الصديق ( هشام ) كان معنا هو وزوجته ( سمر)في الامسية الرمضانية الاقتصادية التي نظمتها جمعية حماية المستهلك الفلسطيني في محافظة رام الله والبيرة وفي ذات الوقت كان بقية افراد الاسرة منتشرين في المدينة ( رام الله ) بين نشاط ثقافي في المحكمة العثمانية، وأخر في قصر الثقافة، ومحمود وأحمد اثرا البقاء في البيت على قاعدة ( زاهي وهبة )، باختصار تلك هي الاسرة الفلسطينية النووية التي تسكن رام الله هكذا بالغالب توزع اهتماماته، بينما كان الصديق معنا بكل جوارحه حيث انحاز لأمسيتنا ولملف حماية المستهلك. في الجزء الأخر من المدينة كان الحال مختلفا هناك من يرغب بسهرة رمضانية ( فايعة) بين متابعة مباراة كرة قدم، أو لعبة مسابقات في مطعم ومتنزه في المدينة، أو متابعة مسلسل (الزعيم )على شاشة كبيرة تعويضا عن انتهاء (باب الحارة). شخصيا لن أطلب من اية جهة قضائية منع السهر في المدينة ولا حجب امكانيات برامج المسابقات التي تنظم في مطعا هنا أو هناك، ولن اطلب من أمانة سر المجلس الثوري لفتح أن تتدخل في الأمر سلبا أو ايجابا. شخصيا لن أطلب من أمام مسجد الحي أن يقول عنهم أي شيء لكني احثه أن يحافظ على زخ...

لقدس ........ما بين أعلامها ومكانها ورؤى فلسطينية ... بقلم: صلاح هنية

القدس معركة يسعى الاحتلال جاهدا إلى حسمها ولكنه لم يتمكن لغاية هذه اللحظة من حسما كليا ؟؟؟؟؟ مقبلات بداية الزيارة إلى القدس بعد عامين من الغياب القصري، عامان تغيب خلالهما عن أي مكان في العالم وتعود إليه قد تجد أن تقدما ما قد وقع، لكن القدس أمر مختلف جذريا؛ فهي تتغير ولكن بشكل خطير ومقلق على المستوى السياسي والوطني والاجتماعي والاقتصادي والعاطفي والوجداني والأخلاقي. القدس اليوم ليست مثلما كانت قبل عامين، وهي لم تكن قبل عامين مثلما كانت عليه قبل عامين مضيا على ذلك التاريخ. باختصار ما يقع في القدس اليوم هو تسارع محموم باتجاه محو تراث وتاريخ وحضور إنساني واسع وذكريات وأماكن وقصره بأدوات غير شرعية على ما يريده المحتّل وتغييب كل الشواهد الباقية عبر الدهر. وهذا التغيير واضح أنه عشوائي تدميري فقط لأظهار عناصر القوة أن الاحتلال يستطيع. فالقطار الخفيف ليس هدفا تنمويا ولا تطويريا ولا يحزنون، بل هو أعلان أن بلدوزرات الاحتلال من طراز كتربلير تضرب الأرض تحت أقدامنا لتقول أننا هنا قوة احتلالية تغير كما تشاء. ...